تحريم نكاح المتعة


۞ تحريم نكاح المتعة ۞ 

بسم الله 
والصلاة والسلام علي رسول الله ﷺ :
وبعد

فإن الله – سبحانه وتعالى – يقول في كتابه العزيز:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)9 (21)سورة الروم ..

۩ فإن السكن النفسي الذي يتضمن السكون والهدوء وإسكات صرخات الجسد والغريزة على صورة مطمئنة لا يزعجها الخوف، ولا ينتابها القلق، فتسكن نوازع التطلع إلى مثل تلك المفاتن في نساء أخريات وتتهذب الغرائز الجامحة وتتروض الشهوات العارمة. هذا هو المعنى الرحيب للسكن النفسي المراد من الزواج في قوله تعالى ( لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) وقوله ( واللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) !
وليس هذا المتاع الجسدي على هذه الصورة وحده مقصود الزواج في الإسلام فالزواج ليس مجرد اتصال جنسي بين رجل وامرأة، بل إن الزواج الإسلامي نموذج للشمول في العواطف والوجدانات يتناسب مع الشمول في عقيدة الإيمان، وهو مدرسة جامعة يتعلم فيها الزوجان أصول المودة والرحمة والحب وما ينشأ عنها من الغيرة الحميدة والعفة والوفاء ورعاية المحارم ولكن في الآونة الأخيرة وبسبب طغيان الغرائز وعرام الشهوات والتفنن في الإثارة وصارت المرأة سلعة تباع وتشترى، واعتبرت تسلية ومتعة.. وتعسر الزواج الحلال أو تعذر، وقلت العفة وسهلت وسائل الحرام، وفي ظل هذه المعطيات وجد بعض خفافيش الظلام من الذين يتبعون الشهوات، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا – وجدوا الفرصة سانحة والجو ملائمًا لإحياء ما اندرس من " نكاح المتعة " بعد أن حُسم في العصور الخالية وكان مما عف عليه الأثر، ولم يبق له عند المسلمين اهتمام ولا ذكر، لكونه معلوم البطلان، بصحيح السنة وصريح القرآن.
وليس " هذا السفاح ! " هو النجاة، وإنما النجاة من هذه المهالك إنما يكون باتباع منهج الله تبارك وتعالى، فلا عاصم من الحرام إلا بالدخول في حصن الحلال من أبوابه المشروعة
( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [البقرة: 232]

۞ تعريف نكاح المتعة
هو أن يتفق الرجل والمرأة على أن يتمتع كل منهما بالآخر مدة معينة من الزمن ويعطيها الرجل قدراً معيناً من المال مقابل ذلك ! هكذا.. بغير شهود ولا ولى ولا إعلان ولا إشهار، ثم يخلوا بها ويعاشرها معاشرة الأزواج غير أنها لا نفقة عليه ولا سكنى لها ولا طلاق ولا ظهار ولا إيلاء، بل تبين منه بمجرد انقضاء المدة المتفق عليها سلفاً إلا إذا أرادا تجديد المدة ! وله أن ينتفي بالولد بغير لعان بل بمجرد أن ينكره ينتفي منه ولا يلحق به وليس عليها عدة الزوجة ولا يتوارثان.
حكمه:
اقتضت حكمة " أحكم الحاكمين " أن يكون هذا الأمر مباحاً في أول الإسلام، ثم نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة.
هذا وقد وقع خلاف يسير عند الأوائل الذين لم يبلغهم النسخ ثم أطبقت الأمة على تحريمه إلا طائفة من الروافض وهي " الإثنا عشرية الإمامية " فهم يبيحونه إلى الآن، ورحم الله القحطاني عندما قال:
إن الروافض شر من وطئ الحصى من كل إنس ناطق أو جان
لا تتبع دين الروافض إنهم أهل المحال وحزبة الشيطان


۞ الأدلة من القرآن الكريم
على تحريم نكاح المتعة
الأول:
قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) [المؤمنون:6] .
وجه الدلالة: أن الله حرم على المؤمنين جميع الفروج إلا فرجاً أحله سبحانه وتعالى بعقد الزواج الشرعي أو بملك اليمين، أما المنكوحة متعة فليست واحدة من هاتين فلا هي زوجة لها ما للزوجة وعليها ما عليها، ولا هي ملك يمين، وإنما هي كما يقول هؤلاء: امرأة مستأجرة !
وما فهمناه من الآية هو عين ما فهمته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
فقد روى الحاكم والبيهقي بسند صحيح على شرط الشيخين عن أبى مليكة أن عائشة كانت إذا سئلت عن المتعة قالت : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) [ المعارج29 ] بيني وبينكم كتاب الله قال الله عز وجل : الآية .. فمن ابتغى غير ما زوجه الله فقد عدا.
فهذا النص من أم المؤمنين يدل على أنها ترى تحريم المتعة بنص كتاب الله تعالى .
الثاني: قوله تعالى: ( َأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ). النساء24
وجه الدلالة: أن الله تعالى أحل لنا الزواج من النساء غير المحارم التي سبق ذكرها حالة كوننا محصنين مستعفين غير مسافحين زانين.
وحيث أن نكاح المتعة لا همَّ لصاحبه إلا سفح الماء وإراقة النطفة بما يقضى من اللذة وهو كذلك غير محصن بمعنى غير عفيف فهو دائم التطلع إلى غيرها وهي دائمة التطلع إلى غيره متعة، فهي كل يوم تحت صاحب وفي حجر مُلاعب وهو كذلك ينتقل بين أحضان البغايا لقاء مبلغ من المال باسم نكاح المتعة ! فأين الإحصان الذي حققه ؟!
ثم إن هؤلاء الروافض لا يعتبرونه إحصاناً بمعنى أنه إذا زنى بعد ذلك زناً مباشراً لا يقولون برجمه لأنه غير محصن، فأنى يؤفكون ؟! والله تعالى أعلم.


۞ الأدلة من السنة
على تحريم نكاح المتعة
الدليل الأول: عن على رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر " متفق عليه.
الدليل الثاني: عن سلمة بن الأكوع قال: " رخص لنا رسول الله في متعة النساء عام أو طاس ثلاثة أيام ثم نهي عنها " رواه مسلم.
الدليل الثالث: عن سبرة بن معبد الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيئاً فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً" رواه مسلم.
الدليل الرابع: عن الربيع بن سبره عن أبيه قال: " نهي رسول الله عن نكاح المتعة عام الفتح " رواه مسلم.
الدليل الخامس:عن ابن عمر قال: لما ولى عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها والله لا أعلم أحداً يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة " رواه ابن ماجه بسند حسنه الألباني برقم 1963.
الدليل السادس: عن سالم بن عبد الله أن رجلاً سأل ابن عمر عن المتعة فقال: حرام قال: فإن فلاناً يقول فيها فقال: والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين "
وغيرها من الأحاديث في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة.


۞ الإجماع على تحريم المتعة
لقد انعقد هذا الإجماع في شورى الصحابة حينما نهي عنها رضي الله عنه وهو على المنبر أيام خلافته وأقره الصحابة ولم يعترض منهم معترض.
قال القرطبي رحمه الله تعالى: الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحتها لم يطل وأنه حرم ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا مالا يلتفت إليه من الروافض.
وقال الجصاص: وقد اتفق فقهاء الأمصار على تحريمها ولا يختلفون.
وقال الخطابي: تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى على وآل بيته فقال: هي الزنا بعينه !


۞ أدلة تحريم متعة النساء من المعقول
من المعلوم أن النكاح ما شرع لقضاء الشهوة فقط، وإنما شرع مؤبداً لأغراض ومقاصد سامية مثل سكن النفس، وإنجاب الأولاد، وتكوين الأسرة، وبقاء النوع الإنساني على وجه بكرامة الإنسان، وإنما تأصلت الغريزة في الفطرة لتكون حافزاً على النكاح الصحيح، الذي من شأنه أن يحقق المقاصد السامية لا يتسافد الرجال والنساء تسافد الحيوان لا هم له إلا سفح ماء الشهوة، وإطفاء حرارة الغريزة على أي وجه كان، وتحت أي مسمى.
وفيه - أيضاً – تضييع المرأة لنفسها وإذلالها وامتهانها، فتصبح سلعة رخيصة تنتقل من يد إلى يد، وتطوف من حضن إلى حضن، والنتيجة جيش من اللقطاء واليتامى، وجيش من الزواني والأيامى وهذا تغيير لمجرى سنة الله في خلقه ونزع للمرأة من وظيفتها الشريفة السامية كأم وزوجة ومربية يسكن إليها زوجها، وتحنو على أولادها في ظل المحضن الطبيعي ألا وهو الأسرة التي هي المصنع الحقيقي للرجال السادة القادة الذين تنتفع بهم الأمة، وتسود بهم دعوة الحق على ربوع الأرض.
وإن المرء ليتساءل ..
كيف يقع الزنا – إذن – إذا لم يكن هذا النوع هو الزنا بعينه ؟!
أليس الزنا يقع بالتراضي بين الطرفين على قضاء الوطر ؟! أليس هذه الأجرة التي تأخذها المسافحة هي مهر البغي ! الذي حذر منه لمعصوم صلى الله عليه وسلم .
وفي المجتمعات التي يسود فيها هذا النوع من البغاء كيف يعرف الناس أبناءهم وبناتهم وكيف يعرف هؤلاء آبائهم وإخوتهم .. حتى لا يقعوا في زنا المحارم مرة أخرى وهم لا يشعرون !
إن الإنسان لو طولب بوضع تعريف للزنا جامع مانع لا يجد تعريفاً أسَّد من تعريف نكاح المتعة وراجع التعريف لتتحقق بنفسك !


۞ صور من المخازي
التي تتعلق بالروافض ونكاح المتعة
1- الخميني يبيح التمتع بالبنت الرضيعة !! علماء الشيعة يؤكدون ما قاله الخميني اضغط للاستماع
يقول في كتابه " تحرير الوسيلة " ص 241 مسألة 12 :
( وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيد فلا بأس بها حتى في الرضيعة ! ).
2- متعة التجربة:
يقول آية الله المطهري : ( من حيث المبدأ بإمكان رجل وامرأة يريدان عقد زواج دائم أن يعقدا زواج متعة لفترة محددة على سبيل التجربة فإذا وجد كل منهما أنه راضٍ عن شريكه بنتيجة هذا العقد يمكنهما عندئذٍ عقد زواج دائم وإن لم يتفقا يفترقا ! ) " ألا ساء ما يحكمون ".
3- المتعة من أجل الإنجاب:
أحد أنواع زواج المتعة عندهم أنه إذا أراد الرجل أو المرأة الإتيان بوليد عقدا هذا العقد وبعد الإنجاب يذهب كل إلى سبيله !
4- المتعة غير الجنسية:
وهو نوع آخر فيه اشتراط عدم إقامة علاقة جنسية، بحيث يتمتع الشاب بصحبة الشابة التي يريد كأنهما عاشقان وفي حالة ما إذا غيرت الفتاة رأيها ورغبت في تحويل المتعة غير الجنسية إلى متعة جنسية فما عليها إلا أن تبدى رغبتها هذه أمام الرجل ( شهلا حائري في رسالتها المتعة المؤقتة حالة إيران 1978 – 1982 ) صـ135.

5- المتعة من أجل حرية الاختلاط:
يمكن عقد زواج متعة غير جنسية بين رجل راشد وفتاة أو أكثر دون سن البلوغ من أجل جعل الرجل وأفراد عائلته
من الذكور من محارم والدة الطفلة وأفراد عائلتها من الإناث وهذا يسمح لأفراد العائلتين بالاختلاط والاجتماع بحرية . ( السابق صـ 136 ).
قلت: وماذا يكون موقف أبناء هذا الرجل إذا أراد أحدهم أن يتزوج من هذه الفتاة التي عقد عليها أبوه متعة أتراه يعتبرها محرمة عليه كما في النكاح الصحيح أم لا يعتبرها فيكون إقراراً بأن عقده باطل !!
6- المتعة الجماعية:
بالإمكان عقد المتعة الجماعية بين امرأة ومجموعة من الرجال خلال مدة لا تتجاوز بضع ساعات ! وذلك إذا عقد أحدهم زواج متعة غير جنسية مع المرأة فيستمتع بصحبتها بأي طريقة يرغب بشرط عدم الدخول وهكذا الثاني والثالث والرابع إذ ليس عليها عدة. ( السابق صـ 147 ).
ولقد كتبت مجلة " الشراع " الشيعية : إن رفسنجانى – رئيس إيران الأسبق – أشار إلى ربع مليون لقيط في إيران بسبب زواج المتعة.
وقالت: إن رفسنجانى هدد بتعطيل زواج المتعة بسبب المشكلات الكثيرة التي خلفها وقد وصفت مدينة " مشهد " الإيرانية حيث شاعت ممارسة المتعة بأنها المدينة الأكثر انحلالاً على الصعيد الأخلاقي في آسيا. ( مجلة الشراع العدد 68 السنة الرابعة صـ 4 ).


۞ أهم الشبهات
التي تعلق بها الرافضة في إباحتهم للمتعة
(1) قالوا: أباحها القرآن في قوله تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) واحتجوا من الآية على مقصودهم من أربعة أوجه:
الأول: أنها نزلت في نكاح المتعة.
الثاني: واستدلوا منها بلفظ " استمتعتم " فهو نص في نكاح المتعة.
الثالث: واستدلوا منها بلفظ " أجورهن " ولو أراد الزواج الدائم لذكر المهور !
الرابع: واستدلوا بقراءة ابن مسعود بزيادة " إلى أجل مسمى " قالوا وهذا قطعي في النكاح المؤقت وهو نكاح المتعة.
(2) قالوا: وأباحها النبي صلى الله عليه وسلم : " لما ثبت في الحديث الصحيح عن جابر قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر
والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر حتى نهي عنه عمر في شأن عمرو بن حريث ".
(3) قالوا: فإن قال أهل السنة إنها منسوخة، قلنا لهم: كلا !
فقد ثبت عن عمران بن حصين أنه قال: " نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى عملنا بها مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات " رواه البخاري !
(4) قال الرافضة: فإن قال أهل السنة: إن الإجماع على تحريمها قد انعقد من الصحابة لمَّا حرمها عمر قلنا لهم : كلا !
بل أنكر عليه على كرم الله وجهه ! وقال: لولا أن عمر حرم المتعة ما زنى إلا شقي !

بل أنكر عليه ولده ابن عمر: حينما سئل عن متعة النساء فقال: هي حلال قيل إن أباك قد نهي عنها، قال: أرأيت إن كان أبى قد نهى عنها وقد سنها ( وفي رواية صنعها ) رسول الله أنترك السنة ونتبع قول أبى .
(5) واستدلوا بإباحة ابن عباس لها وهذا أمر مشهور عنه .
(6) قالوا: لقد وقع الإجماع على إباحتها ثم ادعيتم أنها نسخت وخالفناكم في ذلك ونحن نتمسك بالإجماع الأول على الإباحة.
(7) قالوا: ثبت مشروعيتها بالقرآن الكريم في آية المتعة وأنتم تزعمون نسخها بالسنة والظني لا ينسخ القطعي.
(8) تعارض روايات النسخ واضطرابها فمرة أن النسخ كان زمن خيبر وتارة في يوم الفتح وثالثة أو طاس.. إلخ وهذا يدل على اضطراب هذه الأحاديث وسقوطها.

هذه أهم الشبهات التي تعلق بها الروافض الإثنا عشرية في إباحتهم لمتعة النساء وأنت ترى لأول وهلة أنه شبهات قوية، وما سميت الشبهة شبهة إلا لأنها تشبه الحق، ولكن سرعان ما يتبدد هذا الظن ويتلاش إذا سطع نور الحق ( وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) [الإسراء: 81 ] .

۞ الفصل الأول
والآن جاء وقت الرد على هذه الشبهات ودحض هذه الافتراءات فنقول والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم:
أولاً: دحض الشبهة الأولى:
أما قولكم إنها نزلت في نكاح المتعة ! فدعوى بلا برهان
[ والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياءُ ].
فأين الخبر الصحيح عن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم - الذي قال له ربه ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [النحل: 44 ] -الذي يقول إنها نزلت في نكاح المتعة ؟!
وأين ذهب هذا التفسير عن أمير المؤمنين على – رضي الله عنه – والذي يدعى الشيعة أنه إمامهم وحجتهم ؟
والذي قال: " سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل
" فأين تفسير على - رضي الله عنه – الذي يقول إنها في المتعة ؟!
وهكذا فليس مع القوم إلا مجرد الدعاوى العريضة وهذه يحسنها كل أحد طالما أن الأمر لا يرجع إلى قواعد وأصول.
التفسير الصحيح للآية الكريمة:
إن المتأمل لسياق الآية وسباقها ولحاقها ليتجلى له بوضوح أن الآية إنما تتحدث عن النكاح الشرعي الدائم
فسباقها ( وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء ) [النساء: 22]
ولحاقها ( وَمَن لمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ ) [النساء: 25 ] وأيضاً: ( فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) .
وأما السياق ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ ) والإحصان لا يكون أبداً بهذا السفاح .
فادعاء أنها في نكاح المتعة إدخال لعنصر جديد لا وجود له أصلًا، وإقحام لمسألة أخرى لها أحكام خاصة تختلف كلياً وجزئياً عن النكاح الدائم ثم يعبر عنها هكذا بدون بيان ويترك التفاصيل لآيات الشيعة وملالى الرافضة يقررون منها ما شاءوا بما يرضي شهواتهم ونزواتهم.
وأيضاً فإن العطف بالفاء في قوله تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم ) يمنع هذا الانقطاع بين السياق والسياق حتى لا يختل الكلام.
فالكلام من أوله لآخره يتحدث عن موضوع واحد متصل محكم ألا وهو النكاح الشرعي الدائم.
قال الحسن وابن شهاب وربيعة: هو النكاح وزاد ربيعة: فما استمتعت من امرأتك قل أو كثر ولم نقبها إلا ليلة..
ومن المفسرين: الطبري وابن الجوزي وابن العربي والماوردي والبغوي وابن كثير والآلوسي والجصاص والشنقيطي وطنطاوي وكشك والشعراوي وغيرهم من علماء التفسير.
وأما قولهم: لفظ " الاستمتاع " في الآية يؤكد أن المراد هو نكاح المتعة !
فالجواب: أن لفظة الاستمتاع لم ترد في القرآن الكريم قط بهذا المعنى.
قال تعالى: ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ) [الأحقاف: 20 ] .
وقال أيضاً: ( رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ) [ الأنعام: 128 ] .
وقال سبحانه: ( فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ ) [ التوبة: 69 ] .
والمقصود: الانتفاع والحظ والنصيب والتلذذ.
فلو كان المقصود من الآية نكاح المتعة لقال " فما نكحتم متعة " والله أعلم.


وأما قولهم " أجورهم " يدل على نكاح المتعة وما يعطى فيه للمرأة ولذلك لم يذكر المهر !
والجواب: أن المهر يطلق على أسماء منها: النحلة والصدُقة والصداق والمهر والأجر والفريضة.
فالأجر هنا هو المهر قولاً واحداً، وإلا فأخبرونا يا معشر الرافضة ما معنى الأجور الآيات التالية:
قال تعالى: ( فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) .
وقال تعالى: ( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) [الممتحنة: 10 ] .
وقال سبحانه: ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) [ المائدة: 5 ] .
وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام: ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيتموهن أجورهن ).
وهنا أقروا جميعًا بأن معناها المهور ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ) .
فمعنى الأجور في الآية الكريمة ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن )
يعنى مهورهن، وإنما سمى المهر أجراً لأنه في مقابل البضع كقوله تعالى : ( وآتيتم إحداهن قنطارًا )
وهذا هو المهر ( فلا تأخذوا منه شيئًا ) إلى قوله: ( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) وهذا هو الاستمتاع الناتج عن الزواج الشرعي الصحيح الدائم لا نكاح المتعة المحرم، ويكون ذكره في الآيات إثبات استحقاق المهر كاملاً بمجرد الدخول وإن كان مرة واحدة !

۞ الفصل الثاني
وأما احتجاجهم بقراءة ابن مسعود ( إلى أجل مسمى )
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أنها قراءة شاذة، لا وجود لها في مصاحف المسلمين، فلا يحتج بها قرءانًا ولا خبرًا .
أما كونها ليست قرءانًا فلأنها أولاً زيادة على ما في رسم المصحف وثانيًا لم تتواتر والقرآن إنما يثبت بالتواتر ونقل الكافة.
وأما عدم الاحتجاج بها كخبر فلأنها لم ترفع إلى النبي وإنما هي من فهم الصحابة من قبيل التفسير كما ثبت عنهم مثله عند قوله تعالى: ( أَمَّا السَّفِينَةُُ ) إلى قوله: ( وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) وهذا تفسير لا قرآن.
وأيضاً عند قوله ( وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ) ( من أم ) وهذا تفسير أيضاً ولا حجة في كلام أحد دون رسول الله .
ثانياً: ولو سلمنا - جدلاً – أنها قراءة ثابتة فليس فيها حجة لهؤلاء الرافضة لأن المعنى عندئذ فما استمتعتم به منهن ( إلى أجل مسمى ) سيكون القيد والأجل راجعًا إلى الاستمتاع لأنه المذكور لا إلى العقد، فإن استمتاع الرجل بزوجته إنما يكون إلى أجل مسمى ولا ريب وهو الموت أو الفرقة، بخلاف نكاح المتعة المؤقت في ذات العقد !
وبذلك أبطلوا متعتهم بأيديهم وهم لا يشعرون .
ثالثاً: ولو سلمنا – على سبيل التنزل مع الخصم – أنها ثابتة وأنها تعنى المتعة فهي منسوخة ولا شك بالوحي المنزل على قلب المعصوم " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " ، ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .
وقد سبق حديث سبرة – الذي رواه مسلم – ( إني كنت أذنت لكم ) إلى قوله ( وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ) .
فهذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيان الطريق

فإن قالوا " إنها ليست منسوخة " لما ثبت عن عمران عند البخاري: ( نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات "
فالجواب: بأنهم أهل تضليل وتلبيس وغش وتدليس فاحتجاجهم بحديث عمران باطل رواية ودراية:
أما الدراية: فإنما أخرجه البخاري في باب " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج " !!
قال ابن حجر: ونزول القرآن بجوازه يشير إلى قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) !
وأما الرواية: فقد رواه مسلم عن عمران: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن يحرمه ".
وفي رواية عند مسلم أيضاً: " تمتع نبي الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه "
فها تقولون إن أيضًا نكح نكاح المتعة ؟! ولا جرم فقد قالوا !!! " ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً ) .
قال النووي:
وهذه الروايات كلها متفقة على أن مراد عمران أن التمتع بالعمرة إلى الحج جائز وكذلك القرآن.
وأما إنكار ابن عمر على أبيه في تحريمه لنكاح المتعة:
فهو من تزوير الشيعة وأكاذيبهم الشنيعة بعد أن استشرى فيهم فيروس المتعة فراحوا يحرفون ويغيرون ويبدلوا فاستبدلوا كلمة ( متعة النساء ) بكلمة ( متعة الحج )
فقد روى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم قال: سئل ابن عمر عن ( متعة الحج ) فأمر بها ، فقيل له: إنك تخالف أباك فقال: إن أبى لم يقل الذي تقولون إنما قال أفردوا العمرة من الحج. أراد أن يزار البيت في غير أشهر الحج فجعلتموها حراماً وقد أحلها الله عز وجل فإذا أكثروا عليه قال: أو كتاب الله أحق أن تتبعوا أم عمر ؟!
وأما استدلالهم بحديث جابر ( كنا نستمتع بالقبضة .. حتى نهي عنها عمر )
فالجواب كالتالي:
1- أنه قد ثبت ثبوتاً قطعياً أن نكاح المتعة منسوخ وأنه قد حُرِّم إلى يوم القيامة ولا حجة في قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ) وقال سبحانه: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) .
2- ومن الطبيعي جدًا أن العلم بالنسخ لم يصل إلى بعض الناس فعملوا على أصل الإباحة الأولى وهذا جائز في حقهم فالشرع لا يثبت قبل العلم به دليله فعل المسيء فافهم.
3- وخلافة الصدّيق – رضي الله عنه – كانت قصيرة وقد انشغل فيها بحرب المرتدين وحماية أصول الدين، فلم يطلع على صنيع هؤلاء وإلا لما وسعه السكوت، علاوة على أن هذا النكاح يكون في السر غالبًا فلا ولي ولا شهود ولا إشهار ولا حمل لأن المرأة تحرص كل الحرص على عدم الحمل من هذا النكاح الطارئ المؤقت.
4- فلما ولي عمر واستقرت الأمور وظهر المستور أبطل الله هذا الباطل على لسان من جعل الحق على لسانه وقلبه فأعلن البيان العام القاطع الواضح.
فعند ابن ماجه بسند حسن عن ابن عمر: لما ولى عمر خطب الناس فقال:
" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها والله لا أعلم أحدًا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة ".
فهل كان عمر هو الذي حرمها ؟! أم إنه ينقل التحريم عن نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم ( فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا ) .

۞ الفصل الثالث
وأما استدلالهم بإنكار علىّ على عمر قائلاً: لولا أن عمر حرم المتعة ما زنى إلا شقي !
فيا لله للعجب !
إن علياً رضي الله عنه هو الذي أنكر على ابن عباس يوم ليَّن الكلام في هذا الشأن فقال: مهلاً يا ابن عباس فإن رسول الله نهي عنها وعن لحوم الحمر إلا نسية " رواه مسلم.
وفي رواية " إنك امرؤ تائه ! نهانا عنها رسول الله ".
وهو كذلك رواه حديث " لا نكاح إلا بولي وشاهدين ".
فهذا هو اللائق بأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه أن ينكر هذا السفاح البين .
وأما خبركم السالف فمن أعظم الكذب ولا تستطيعون أن تأتوا له بسند متصل أبدًا فهو منقطع من طرقنا وطرقهم فهو أوهى من بيت العنكبوت !
وأما استدلالهم بإباحة ابن عباس لها !
فإن ابن عباس لم يبحها مطلقًا كما يفعلون هم وإنما أباحها للمضطر كالميتة والخنزير ومع ذلك فقد رجع عن فتواه لما اطلع على حقيقة الأمر وما ترتب عليها.
قال الخطابي: إن سعيد بن جبير قال: قلت: هل تدرى ما صنعت وبم أفتيت ؟ قد سارعت بفتياك الركبان وقالت فيه الشعراء قال: وما قالوا ؟
قال :
قد قلت للشيخ لما طال محبة يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة تكون مثواك حتى رجعة الناس
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت.

ومهما يكن من أمر فإن الصحابة – رضوان الله عليهم – قد وقفوا موقفًا جادًا صارماً من هذا القول الخطأ وردوا على ابن عباس رضي الله عنه وكان فيمن رد:
1- على رضي الله عنه كما سبق " مهلاً يا ابن عباس " ورواية " إنك امرؤ تائه " عند مسلم.
2- ابن عمر رضي الله عنهما: " وهل كان ابن عباس إلا غلاماً صغيراً يوم حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم " قواه الألباني.
3- ابن الزبير قام بمكة وقال:
" إن ناسًا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال: إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت تفعل على عهد إمام المتقين " فقال: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك" رواه مسلم.
فإما أن يقال: إن ابن عباس لم يبلغه الناسخ وإما أنه بلغه ولكنه فهم من النسخ نسخه في حالة الاختيار لا حالة الاضطرار وحمله على نسخ مؤقت لا نسخ تأبيد كما حدث في خيبر.
وعلى كل حال: سواء كان هذا أو ذاك رجع أم لم يرجع فنحن مقيدون بما بلغنا عن الشارع الحكيم وقد صح لنا التحريم المؤبد بقوله " فهو حرام إلى يوم القيامة " ومخالفة طائفة من الناس له غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة كما قال الشوكاني رحمه الله.
دعوا كل قول عند قول محمد فما آمنٌ في دينه كمخاطر

وأما قولهم " إنها ثبتت بالإجماع والتواتر فلا تنسخ إلا بالإجماع " ؟!
فقول متهافت فيه مغالطة للأصول .
فإن أهل السنة لم يقولوا إنها نسخت بمعنى أنها لم تكن بل قد كانت، ولكن الرافضة خلطوا تواتر العلم بما كانت عليه بتواتر بقاء الحكم وبين الاثنين فرق كبير.

فالمنسوخ هو استمرار حل المتعة واستمرار الحِل ظني لا قطعي، فالبحث ليس موضوع أصل بل استمراره استصحابًا للحال وهذا يفيد الظن بلا نزاع، ورفع الظني بالظني لا خلاف فيه وبهذا يتضح أن ما يدعونه من الإجماع والتواتر مغالطة غير صائبة، ودعوى أن النسخ خبر آحاد مجازفة غريبة.. لأن التواتر كما ذكره أهل العلم متوفر في أحاديث النسخ دون شك.
ثم إننا نقول لهم: إن الذين رووا مشروعيتها في أول الإسلام هم الذين رووا نسخها بعد ذلك فإن كانوا حجة عندكم في الأول فيلزمكم قولهم في الآخر.
وإن لم يكونوا حجة عندكم في الآخر فيلزمكم عدم قبول خبرهم في الأول ( والله لا يهدى القوم الظالمين ) . راجع الأصل في الأشياء صـ 105.


۞ الفصل الرابع
وأما قولهم إنها ثبتت بالقرآن في آية المتعة والنسخ بالسنة، والسنة لا تنسخ القرآن؟
فالجواب:
أن المتعة شرعت بالسنة وليس الكتاب، ومادامت أبيحت بالسنة فإن نسخها بالسنة جائز وهذا مما اتفق عليه الأصوليون.
قال ابن الجوزي: " وقد تكلف قوم من مفسري القرآن فقالوا المراد بهذه الآية نكاح المتعة ثم نسخت لما رواه النبي أنه نهى عن متعة النساء وهذا تكلف لا يحتاج إليه لأن النبي أجاز المتعة ثم منع منها فكان قوله منسوخًا بقوله وأما الآية فلم تتضمن جواز المتعة ".
وكما سبق في جواب الشبهة الأولى ليس هناك آية المتعة أصلاً إلا في أذهان الرافضة.

وأما قولهم: إن أحاديث النسخ متعارضة مضطربة فتارة أنها حرمت يوم خيبر وتارة يوم الفتح .. إلخ.
فالجواب: أن هذا ليس اضطرابًا بالمرة لأن الاضطراب إنما يكون عند التكافؤ وعدم إمكانية الجمع، بخلاف الحال هنا.
فللعلماء في هذا التوفيق طريقتان:
1- طريقة الإمام الشافعي وهو مسلك الجميع:
أن التحريم والإباحة كانا مرتين، كانت حلالاً قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم الفتح وهو يوم أوطاس لاتصالهما ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة.
قال الشافعي رحمه الله: لا أعلم شيئًا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة.

الطريقة الثانية: طريقة ابن القيم وقد سلك مسلك الترجيح.
وهى أن الصحيح أن التحريم إنما كان يوم الفتح لا غير وهو يوم أوطاس لاتصالهما كما سبق، وأما حديث حلىّ فالصواب رواية: " نهى عن نكاح المتعة " ولم يقيده ثم قال: " وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر " راجع إرواء الغليل للألباني [ 6/314 ]
قال ابن حجر: فلا يصح من الروايات شيء بغير علة إلا غزوة الفتح. [ الفتح 9/139 ] .
فأين الاضطراب إذن، والجمع ممكن ! والحقيقة أن الاضطراب موجود ولكن في عقولهم هم وفى قلوبهم ( فاعتبروا يا أولى الأبصار ) .

وأخيرًا بقى أن يقال:
إذا كانت كل هذه المفاسد – والتي سبق ذكر بعضها وما خفي كان أعظم – في هذا النوع من النكاح الباطل فلم أبيح في أول الإسلام أصلاً ؟!
والجواب بعون المليك الوهاب:
1- أن نقول: ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) .
2-إنه قد علم ما في الخمر من مفاسد فهل يعترض على تحريمها آخرًا بمثل هذا الاعتراض في إباحتها أولاً، فالجواب عن هذه كالجواب عن تك تمامًا.
3- وقد قيل: إن في عام الفتح دخل في الإسلام كثير من الأعراب فخشي عليهم الردة فكان هذا التشريع المؤقت من باب ارتكاب أخف الضررين.
4- وقيل: ليس معنى الإباحة والإذن فيها أولاً بمعنى التشريع لها وإنما معناه الترك والتخلية لهم وتأخير الإنكار عليهم لحكمة بالغة يعلمها الله.
5- ومن المعهود في الشريعة التدرج في الأحكام وتأليف القلوب حتى تستمكن منها الإيمان منها ولو جاء في أول الإسلام لا تشربوا الخمر لقالوا: لا نتركها أبدًا .. فلما استقر الإيمان في القلوب جاءت الأحكام.

وأخيرًا :
فلله الحجة البالغة والحكمة القاطعة، وإن عجزت عنها عقولنا وجلت من إدراكها فُهومُنا فنحن على يقين من الحكمة في إباحتها أولاً وعلى يقين من تحريمها تحريمًا مؤبدًا آخرًا ( آمنا به كل من عند ربنا وما يذّكر إلا أولوا الألباب ) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
والحمد لله رب العالمين
..............................................................................
نبذة عن الكتاب
3 وليس هذا المتاع الجسدي على هذه الصورة وحده مقصود الزواج في الإسلام فالزواج ليس مجرد اتصال جنسي بين رجل وامرأة، بل إن الزواج الإسلامي نموذج للشمول في العواطف والوجدانات يتناسب مع الشمول في عقيدة الإيمان، وهو مدرسة جامعة يتعلم فيها الزوجان أصول المودة والرحمة والحب وما ينشأ عنها من الغيرة الحميدة والعفة والوفاء ورعاية المحارم .
4 ... وإنما النجاة من هذه المهالك إنما يكون باتباع منهج الله تبارك وتعالى، فلا عاصم من الحرام إلا بالدخول في حصن الحلال من أبوابه المشروعة .
( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [البقرة: 232]
....................................................
وكتبه فضيلة الشيخ / أبو طارق محمود بن محفوظ
29 من ذي الحجة 1426هـ
http://mahfoouz.com/play-837.html ).
______________
#abou゚moaz
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق