بيني وبين عماد فراج


بيني وبين عماد فراج 
بقلم
أبي طارق
 محمود بن محفوظ

الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد،
فقال ربنا – عز وجل –: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) [الأحزاب: 70].
بدايةً أسأل الله أن يرزقني القول السديد ولو على نفسي، وأن يرزقني الإنصاف ولو على أقرب قريب عملاً بقوله – تعالى –: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [النساء: 135].
أصل الحكاية
1- منذ أن من الله علينا باتباع المنهج السلفي ونحن في نعمة من الله وفضل، ثم منَّ علينا بتعرف كثيرٍ من الأصول والمسائل المنهجية التي لم نكن نعرفها أو وقع لنا فيها لبسٌ كبيرٌ وغبَشٌ ظاهر، وذلك بأن قيَّض الله – عز وجل – لنا أخًا فاضلاً سبقنا إلى هذا الحق فناظَرَنا وناظرْناه، وجادَلنا وجادْلناه، وعرف ما عندنا وعرفنا ما عنده، حتى إذا استضاء الصبح لذي عَيْنَين، ولم يبقَ عذرٌ لمعتذر رأيت أني بين أمرين لا ثالث لهما:
إما أن أكون رأسًا في الباطل وأمضى في اللجاج وخلفي  أفواجٌ بعد أفواج.
وإما أن أكون تابعًا في الحق فيُقال عني: انساق خلف فلان، وصار تابعًا لفلان، وربما انفضَّ من حولي من الطلاب.
فلبثت غيرَ بعيدٍ فآثرت ما عند الله وما فيه خلاصي ونجاتي وإن رفضني الناس وهجروني، وهذا من أعظم توفيق الله لي وفضله عليّ بعد نعمة الإسلام (1).
وهذا الأخ هو عماد فراج – وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه وجزاه خيراً عما كان أسداه وأولاه – وإن كان هو الآخر يعترف بأنني دللته على المنهج السلفي ابتداءً وذلك في بداية الطلب – فقد انتفع بي كما انتفعت به –، وكذلك فأنا معترف له بأنه دلني على السلفية الناصعة والأصول التي كانت عندنا ضائعة: كمعتقد أهل السنة في عدم الخروج على أئمة الجور(!) ومنهجهم في الرد على المخالف وكذلك موقفهم من أهل البدع، وكذلك في باب الفِرَق المعاصرة، فجزاه الله خيرًا.
2- لا زلنا على وفاق وتناصح فيما بيننا، والكل يقبل النصيحة إذا ظهرت له، وكنا كاليدين تغسل إحداهما الأخرى.
3- وفي هذه الأثناء كنا نلاحظ شدةً في طبع الشيخ عماد، وحِدَّة لم نستطع حيالها فعل شيء.
4- كان من صفوة الشيخ عماد خمسةُ أفرادٍ لازموه في كثيرٍ من أحيانه سفرًا وحضرًا، وهم الأخوة: حازم بن خطاب، ومحمد بن عبد العليم، وسيد بن علي، وأحمد العسقلاني، وإسلام بن سراج، ومحمود بن محفوظ، وغيرهم.
5- لاحظ الجميع من هؤلاء أن الشيخ عماد يخطو بالسلفيين من طلاب العلم وبالدعوة نفسها خطوات سريعة ومتتالية وغير متأنية ويعرض نفسه والدعوةَ وإيانا لعقبات ومتاعب نحن في غنى عنها ولا حاجة إليها أصلاً، مع عجلةٍ واضحةٍ في المواقف بحيث لا يترسخ الطلاب في مرحلة حتى ينتقل بهم إلى ما بعدها ونحن معه في جهد جهيد! إلى حد اللهث!
6- لا ندَّعي أننا لم نشاركه في هذه المرحلة في ردوده ورسائله بل كان يستشيرنا في كثير منها ويطلعنا عليها، لكنه كان صعب المراس، عنيد الطبع إذا أصرَّ على شيء لم يبال بنصيحة الناصحين، ولو كان من المُقَرَّبين، وعامة هذه النصائح كانت في شدته المفرطة، وعجلته الزائدة، وعدم حسابه للمصالح والمفاسد، وعدم نظره لمآلات مواقفه مما أدى إلى التضييق على السلفيين بلا داعٍ.
فلا يسعنا والحالة هذه إلا أن نسجل امتعاضنا على هذه المواقف تصل أحيانًا للحدة والشدة حتى نرمى بسوء الأدب مع الشيخ!
7- وهكذا يسمع طالب العلم الذي التزم بالأمس بالمنهج السلفي يسمع أدق تفاصيل السلفية والخلاف الدائر بين السلفيين في أقطار الأرض، وطبعًا هذا يكون بصورة أوضح في مجالسه وإن لم تخل منه دروسه أحيانًا.
8- كنت دائمًا أقول له ولإخواني: لا تشغلوا الطلاب بهذه الأمور فنحن – بعدُ – في مرحلة التربية والتأسيس للعقيدة الصحيحة والمنهج القويم والتأصيل والتقعيد، وهذه المرحلة تحتاج لطول نفس وبطء في السير لأنها مرحلة التأسيس والبناء.
9- الجميع يعلم هاهنا – في صعيد مصر – أن حربنا في المقام الأول مع القبورية وعموم الصوفية والأشاعرة الأزهرية والجماعات الإسلامية قطبية وتكفيرية وجهادية وإخوان وتبليغ فضلاً عن الشيعة والبهائية والقاديانية فضلاً عن النصارى وغيرها من الطوائف الرديّة.
كل هؤلاء الأعداء تعج به ساحات بلادنا، قد ضاقت بهم المجالس وازدحمت منهم الشوارع، ونزلت بسببهم البلايا، وغلت بسببهم الأسعار، واشتكت منهم الديار.
فيجب علينا أن نضع هذا في الاعتبار، وأن نربي طلابنا على الأصول العلمية وأن نطيل النفس في ذلك، فالأمر يحتاج إلى جهد كبير وعمر طويل وعمل دءوب.
10- وفي قفزة الغزلان، وفي سُرْعَة العَجْلان، في سنين يسيرة على بدء الدعوة المباركة بدأ الشيخ عماد يزاحم الدعوة إلى الأصول السابقة المطلوبة بمشاكل الخارج وما يحدث بين السلفيين بطريقته الحماسية الملتهبة، ولا أنكر أنه شرح كتبًا سلفية كثيرة – يأجره الله عليها – ولكن تربية النفوس والأجيال يحتاج للأناة والتركيز وعدم مزاحمة الطريق بمشاكل منهجية أخرى تستعدي علينا الناس ونحن – بعدُ – ضعاف وطلابنا لم يتأصَّلوا بعد، فما الداعي للعجلة؟!
حتى لقد كان الحديث بين طلاب العلم يدور على الكلام عن أخطاء سيد قطب، والشيخ ربيع(!) في آن واحد!!
بل والألباني وفي المجالس الخاصة قد يتطرق للفوزان والعثيمين وغيرهما!
11- قد يُقال: وما المانع؟ أليست المباحثات العلمية تتسع لأكثر من ذلك؟ أليس الرد على المخالف – كائنًا من كان – من أصول الإسلام؟ فما المانع من القيام بذلك ولو في آن واحد؟
والجواب: الأصل أنه لا مانع!
           ولكن من يعرف طبيعة الشيخ عماد عن قرب يعلم يقينًا أنه يتعامل مع الجميع معاملةً واحدةً ويتعامل بانفعال وعاطفة وحماسة زائدة تخرج عن حد المعقول، وإذا غضب سمعت كلامًا سيئًا ولو في الأكابر! مع عدم النظر لحال المستمع، أليس قد قيل: (إنك لن تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)؟!
قلت: وكم له من مثلها!!
وقد يُقال: إنها مجالس خاصة!
والجواب: الذي يعرف مجالسه يعلم يقينًا أنه ليس هناك مجالس خاصة بمعناها المعروف – إلا فيما ندر – فالمجلس قد يبدأ خاصًّا لكن لا ينتهي إلا وقد صار عامًّا قد خرج الكبير ودخل الصغير، ومضى الذكي وجاء البليد، والمجلس عند الشيخ ما زال خاصًّا!
والكلام كما هو وعلى نفس الحدة وفي نفس الموضوع! فيا لله العجب!
 ويكفي أن تعلم أن مجلسًا تناقشنا فيه وقد طلب –هو- حضور جميع السلفيين بالقرية فحضر عدد لا بأس منه، فيهم حديث العهد بالمنهج والسلفية وفيهم المبتدئ ولا تكاد تجد فيهم طالب علم يُعتد به! وبدأ الشيخ يتناقش هو وإخوانه الذين حضروا معه في مسألة (صلاة التهجد)  فاحتج بعضهم بفتوى العلامة (فلان) فابتدر الشيخ قائلاً: أنا أخرج لك خمسين خطأ وقع فيه فلان!!
فما ظنك بطالب علم مبتدئ جاء ليستمع إلى( شيخ السلفية الهمام) وهو يطعن في علماء السلفية الكبار؟! وهكذا وقلما ينفك مجلسٌ من مجالسه إلا عن صديقٍ فقيد، أو عدوٍ جديد! والله المستعان.
12- ولما كان الشيخ عماد في هذه المرحلة لا يكاد يستمع النصيحة ولا يرى عيوب نفسه وأخطاءه كان إخوانه يتناصحون فيما بينهم: ما العمل؟
13-         اتفقنا – إخوانه وخاصته – على كتابة نصيحة تُقَدَّم له لعلها تجدي إذ لم تُجْدِ النصيحة الشفوية، بل قد تنفصل أحيانا إلى المفاصلة والمفارقة كما حدث مني في بيت أخينا الشيخ / محمد حسن، وتركت المجلس وانصرفت معترضًا على طريقة الشيخ في الدعوة واتهامه لإخوانه الناصحين وعدم الاعتراف لهم بحسن القصد وإرادة الخير ولا يتهم نفسه.
14-         قام أخونا محمد عبد العليم-وفقه الله- بكتابة مناصحة قُدِّمت للشيخ يدًا بيد لم يطلع عليها إلا صاحبها وكاتبها وكاتب هذه السطور لإبداء رأيه فيها.
15- كثيرٌ من المسائل - لا كلها – التي ذُكِرت في الرسالة كانت تدور قبل ذلك في المجالس بيننا وبين (الشيخ المنصوح) وترتفع لأجلها الأصوات وتقع النزاعات، فهل يحل للشيخ بعد ذلك أن يقول: [إنهم كتموا النصيحة، ولم يبدوها لي، ولم يقارعوا الحجة بالحجة، بل فعلوا فعل النساء يطعنون من وراء وراء!]اهـ؟سيكتب ما قال وسيُسأل عنه بين يدي الكبير المتعال.
16- كان موقفي من الأسئلة المطروحة كالآتي:
‌أ-      قسم أوافق الكاتب عليه وأؤيده عليه.
‌ب-    وقسم لا أوافقه عليه.
‌ج-    وقسم موقوف على شهادة الشهود فيُنظر فيه.
17- وعلى كل حال فهي نصيحة لا بأس بها، وصاحبها ليس جانيًا ولا بأس من عرضها على الشيخ فمن حق السائل أن يسأل لا سيما إذا كان ناصحًا، ويعتقد أن الشيخ جانب الصواب في هذه الأبواب، ومن واجب الشيخ أن يجيب وأن يبرئ ساحته ويدفع التهمة عن نفسه بالجواب الشافي بلا إساءة لا تشتم ولو اشتد الناصح في نصيحته، فهذه طريقتك!!
18-         وتستمر الأحداث التي يعلمها جميع الأخوة حتى فوجئنا بأن الشيخ عماد خصَّص درس الجمعة وكذلك الأحد لتناول هذه الأحداث وجعل يكيل الطعن والتكذيب والإهانة والتجريح للناصح والمعين!
19-         وربما ظن الشيخ أننا قمنا بنشر الرسالة من ورائه؛ لذا أعلن الحرب ونشر على الملأ لأول مرة ما كان حقه أن لا يشتغل به الطلاب ولا يشق به الصف ولا يشغب به على إخوانه.
ألم يلاحظ أنه الوحيد الذي يمتلك رسالة المناصحة يقرأ منها ويجيب عنها؟
ألم يلاحظ أن الطلاب لا يكادون يعرفون من المقصود بالرد أصلاً؟
فكيف يُقبل قوله بعد ذلك في آخر رسالته؛[فأنتم من بدأتم... فعلى نفسها جنت براقش
وعلى الباغي تدور الدوائر!]اهـ؟
وعلى غير المتوقع أقول: صدقت!
نحن الذين بدأنا! لكن بالنصح!
فأرسلنا إليك نصيحة، وقد أهديتنا فضيحة! فالله حسيبك!
فحسبكم هذه التفاوت بيننا         وكل إناء بالذي فيه ينضح
لقد أظهر ما كان يُسِرُّ، وأبدى ما كان يخفي من قبل، ورأى طلابُه (أخلاق شيخهم) على المكشوف!
20- لم يكتفِ بهذا بل حذر طلابه وألزمهم بالولاء والبراء على شخصه – وهو الذي يلوم طلاب الربيع-حفظه الله- على ذلك – !
21-         وقرر المفاصلة، فمن حضر لي دروسي فلا يحضرن لهم – يقصدنا نحن – ومن حضر لهم فلا يحضرن عندي!!
فهل هذه سلفيتك؟! إلى هذه الدرجة وصلت حالتك؟! وما الذي جناه إخوانك حتى تُحَذِّر منهم وتعقد الولاء والبراء على شخصك؟! ما هي الأصول التي خالفنا فيها أهل السنة والجماعة؟ ما هي الأضرار والمخاطر التي تخشاها من حضور الطلاب لنا؟
22- رأينا - إخوانه وخاصته من قبل – أن نكتب بيانًا لهذه المحنة، وتفصيلاً لهذه البلية، وتنبيهًا لما نراه قد خالف فيه الحق، فهذا حقه علينا،كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)،وكذلك حق الطلاب علينا أيضًا بعد أن عصفت بهم الفتنة، وزلزلتهم تلك المحنة، كان الله لهم وعصم قلوبنا وقلوبهم. وسمَّيناها: (بيننا وبين الشيخ عماد فراج)، ولي معه فيها وقفات:

الوقفة الأولى
           في عنوانها" [إجابة على تساؤلات ورد على افتراءات].
أقول:
1- هل من الإنصاف أن تسمي الناصح مفتريًا؟
2- هل من أسرَّ لك النصيحة وأسداها لك مكتوبة في يدك، وطلب منك الرد مكتوبًا يكون كذابًا مفتريًا؟
3- وهل مَن سَمِعك بأذنه تقول كذا وكذا -خاصةً وأنك لا تضبط عباراتك-كما سيأتي- فربما صدرت منك الكلمة لا تقصدها، ولا تنتبه لها، فحفظها عنك ونسيتها، ثم نسبها إليك -يكون مفتريًا؟
4- وهل تعجز عن الجواب بأن تقول: إن كان صدر مني هذا فأنا مخطئ وتائب إلى الله - عز وجل –؟ وهل هذا يُنقِصُك؟
5- ثم ما الذي تريده من عدم نسبة الخطأ لك ولو على سبيل الاحتمال؟ ما السر في ذلك؟
6- وهل نسيت أنك نُسِبت إلى (الكذب والافتراء) في قصة شبيهة بذلك، بل قصتين:
الأولى: لما ذَكرتَ في (الأصول التي خالف فيها عبد الحق...) أنه قال يومًا: (هيا نعد العدة للخروج على الحاكم) فقال الرجل: (كذب عماد فراج)، فاستشهدتَ بي فقلتُ : أنا لا أذكر ذلك، ولعل الشيخ عماد سمع ما لم أسمع لانشغالي في المجلس بشيءٍ آخر، ولعلها من قبيل: من حدَّث ونسي، يعني من جانب الشيخ عبد الحق.
فهل لقائلٍ أن يتهمك بالكذب!
الثانية: لما ذكرتَ في رسالتك للدكتور طلعت زهران أنك زرته في عام كذا في مسجده، ثم اتهمك طلابه بالكذب لأنه في ذلك التاريخ لم يكن بُني المسجد أصلاً!
واحتمال الخطأ النسيان وارد ؟
 على الرغم من أنك لم تقبل عُذر الشيخ( محمد سعيد رسلان) الذي اعتُذر له به في ثنائه على الشعراوي بأنه ثناء قديم والشيخ نسيه فلم تقبل هذا العذر، وناقشناك في ذلك في بيت أخينا سيد علي هاشم. فهل يكون احتمال النسيان عذراً في حقك ولا يكون عذراً في حقهم؟
والعجيب أنك في المرتين الآنفتين لم تُصْغِ للنصيحة،
 فأما الأولى فعند مراجعتي للرسالة (الأصول التي خالف فيها عبد الحق...) قلت لك في الحاشية بالقلم الأحمر أنا لا أذكر ذلك!
 وفي الثانية نصحك الأخ: محمد عليوة، بخطئِك في التاريخ فأصررت على قولك، وجزمت بيقين نفسك، ونشرت الرسالة، فبؤت بالتكذيب في الموضعين، فهلا اتعظت؟!
فما أشقى الناصح لك! ويا ويله منك!
7- وفي هذه المرة سمع منك العدول الثقات ما ألزموك به، فهلا حكَّمت شرع الله في أمرك؟
 ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (البينة على المُدَّعي واليمين على من أنكر)؟ والبينة هي شهادة الشهود العدول ونحو ذلك مما يبين الحق، فإن لم يأتِ خصمك بالشهود لزمك اليمين، فلماذا لم ترضَ بحكم الإسلام؟
ولماذا رحت تكذب الشهود وأنت مجرد خصم؟ فهل جعلت نفسك الخصم والحكم؟ وهل يحل ذلك في دين الله – عز وجل- أن يرفضَ المُدَّعى عليه شهادة الشهود العدول الثقات ويكتفي بيمين نفسه؟ وهل يلزم أن يَرْضى الرجل من قرارة نفسه بحكم الحاكم إن كان يعلم أنها خلاف الواقع؟ ألا يسعك ما شرعه الله – عز وجل – وتخضع له رضيت أم كرهت؟
8- هذا العنوان ينم عن شخصية عصبية المزاج متسرعة، لم يصبر صاحبها بعد أن أكره نفسه على الأناة والحِلم، فأتى بعنوان مقبول ليس فيه انفعال وعصبية: (إجابة على تساؤلات)، فلم يلبث حتى غلبته نفسه فأردفه بما يوافق مزاجه الحار الملتهب فقال: (ورد على افتراءات) فالرجل لا يعرف الحِلْم والصبر والأناة.
إذا رمت يومًا أن تسود قبيلة          بالحلم سد لا بالتسرعِ والشتمِ
والله الموفق.
الوقفة الثانية
خطؤه في قضية الخروج
 على الحكام الجائرين

*- قرَّر الشيخ – عفا الله عنه – في رسالته أن مسألة الخروج على الحُكَّام خلافية وقد تنازع العلماء فيها فقال:
‌أ-        الأصل قد وُجِد من ينازع فيه، فكيف بالفرع؟!صــ8، ويقصد بالأصل الخروج، ويقصد بالفرع: المظاهرات.
‌ب-    (فإذا كان قد تُنُوزع في الأصل فكيف بالفرع؟!) صــ9
‌ج-    (إن بعض أهل العلم نازع في الأصل وهو الخروج على حكام الجور.) صــ9
‌د-     (أما العلماء الذين قالوا بالخروج على حُكَّام الجور فكُثُر.) صــ9
‌ه-     (فلما رأيت شططًا ذكرت الجملة آنفة الذكر (أعني الخروج) لأبين أن المسألة أهون من ذلك، ولا تستدعي كل هذه الحدة.) صــ8
‌و-     (وإنما ذكرته لأبين أن المسألة أهون مما يظنون وأنه ما كان ينبغي أن تأخذ منا كل هذا الوقت ونتنازع بسببها) – يعني مظاهرات قنا -. صــ9
إذا تقرّر ذلك فدعني أسألك:
إذا كانت المسألة خلافية وأن القائلين بالخروج على أئمة الجور كُثُر:
1- فهل هذا الخلاف عندك معتبر؟
2- إذا لم يكن خلافًا معتبرًا؛ فهل يصح منك أن تحتجَّ بمجرد الخلاف، كفعل أهل الجهالة والضلالة من الحزبيين وغيرهم على مبدأ(لا إنكار في مسائل الخلاف)؟!
3- وإذا كانت الأخرى -وهي أن الخلاف في مسألة الخروج على حكام الجور خلاف معتبر- فما هذه الحرب على (الخوارج الجدد) من القطبيين والتكفيريين والسروريين وأتباع أسامة ابن لادن والجماعة الإسلامية؟ ولماذا صنَّفت كتابك "النصائح السلفية لمدرسة الإسكندرية" ورددت على نفس الشبهة ردًّا سلفيًّا قويًّا ؟ فهل رجعت عما في "النصائح السلفية"؟ أم لك في المسألة قولان؟ أم ترضى بالتناقض وتلتزمه؟ أم ستعتذر لـ(ياسر برهامي !)وطائفته عما مضى في هذه المسألة؟ أم ستوفق بين القولين المتناقضين وتتهمنا بعدم الفهم لكلامك؟!
4- لو سلمنا جدلاً أن المسألة خلافية أفلا يكفينا النصوص الشرعية المحكمة في الباب؟
5- ثم ما فائدة ذكرك لهذا الخلاف إن كنت تراه مرجوحًا؟
هل لتبلبل طلابك؟
أم لتجعل مِن كلامك سلاحًا لأهل البدع من الإخوان وأنصار الخروج على الحُكَّام قائلين: (من فمك ندينك)؟
6- وهل فعلت كل ذلك لتُثبت لطلابك أنك لم تُخطئ في المجلس وفي النقاش الذي دار بيننا حتى لو زعزعت (قضية الخروج) في صدور طلابك وشككتهم في هذا الأصل الأصيل عند أهل السنة والجماعة؟ أهذا هو ثمن انتصارك لنفسك وإثبات عدم خطئك؟ وهل هذا منهج السلف في أوقات الفتن ؟
إنني أقول بكل صراحة: إن هذه المسألة في رسالتك مصيبة حقًّا، وكأن المسألة لم تترسخ عندك أصلاً فتحتاج لدراستها من جديد في ضوء الإجماعات التي نقلها أهل العلم في ذلك، ولا أجدني محتاجًا أن أُنَبِّهك إلى أن المسألة إنما تُدرس من كتب السنة لا من كتب الفقه والتاريخ!
وأُذَكِّرك بقولك: (وعلى ما ذُكِر جرى اعتقاد وعمل السلف الصالح – رضوان الله عليهم – من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الإسلام المتبوعين وغيرهم من العلماء المشهورين فهذه عقيدة السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان في ولاة الأمور لم يشذ إلا فلول المبتدعة الحزبيين أفراخ الخوارج والمعتزلة). راجع رسالتك "الأصول التي خالف فيها عبد الحق".
7- ومن العجيب أنه انتقد في نفس الرسالة-إجابة على تساؤلات- (مَنْ جعل المسألة خلافية) كما فعل مع الشيخ مقبل صــ60، وهذا تخبط عجيب، كان ينبغي أن تستره على نفسك بدلاً من التشغيب على طلابك؟!
8- وعلى كل حال؛ فالإجماع متحقق بلا ريب، وذلك لأن الإجماع المنضبط هو ما كان في زمن الصحابة – رضي الله عنهم – وقد أجمعوا على عدم الخروج على أئمة الجور وأما ما كان من عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما- فإنه لم يخرج أصلاً وإنما خُرِج عليه-كما هو معلوم-، وأما الحسين-رضي الله عنه- فقد رجع عن ذلك قبل استشهاده وطلب منهم أن يدَعوه يرجع فلم يدَعوه،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (...وكذلك الحسين-رضي الله عنه-لم يقتل إلا مظلوماً شهيداً تاركاً لطلب الإمارة، طالباً للرجوع إلى بلده، أو إلى الثغر، أو إلى المتولي على الناس يزيد)اهـ منهاج السنة 4/320.
 فلم يستقر قولٌ لصحابيٍ واحدٍ مخالفٌ للإجماع، فخلاف مَن بعدهم لا عبرة به، فافهم – هداك الله –.
9- لا تغتر بمن نقل الخلاف في المسألة، فإنه مقابَل بمن نقل الإجماع فيها،فإن قلت: نقدم قول من نقل الخلاف لأن معه زيادة علم؟ فالجواب:
 إن هذه المسألة فيها نوع من الخصوصية؛ بحيث لا نستطيع طرد هذا التوجيه السابق، وذلك أن وقائع الخروج على أئمة الجور في التاريخ الإسلامي كثيرة مشهورة بحيث لا تخفى على العوام فضلاً عن الخواص فضلاً عن الأئمة! ومع ذلك كله نصوا على الإجماع ونقلوه في كتب السنة بحيث لم ينقل في كتاب واحدٍ من كتب أصول السنة الخلاف فيها! مع علمهم –يقيناً- بهذه الوقائع الشهيرة !! وتفسير ذلك -والله أعلم-بأحد شيئين: إما أنهم اعتبروا خروج من خرج من قبيل الزلات والأخطاء الواضحة التي لا ينبغي أن يعتد بها كقول ٍ معتبر، وإما أنهم لاحظوا إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- ولم يلتفتوا إلى غيره، وإلا فهل خفي مثل خروج أبناء الصحابة في المدينة على يزيد وخروج أفاضل التابعين على عبد الملك بن مروان مع ابن الأشعث على أمثال الإمام ابن بطة العكبري وغيره من أئمة السنة الذين نقلوا الإجماع ؟ بل هل يخفى على مسلم نبأ الحسين-رضي الله عنه- ؟ راجع المسألة –رحمك الله- بتؤدة وأعد النظر فيها من جديد لعل الله يهديك لما قررته كتب السلف من عدم إثبات أن المسألة خلافية كما تدعي والله الموفق.
10- فإن قلت إنما كان هذا الإجماع معللاً بالمفسدة المترتبة على الخروج !                                                             
.فالجواب: لو كان فهمك قد أوصلك إلى هذا الحد، فأنت-إذن- خطر على الأصول السلفية فينبغي أن تُجتنب لما آل إليه أمرك من موافقة الحزبيين في هدم أصول منهج السلف الذي قرروه في كتبهم وعقائدهم، وهذا واضح من قولك إن الخروج على أئمة الجور ممنوع لغيره لا لذاته!  وفي الحقيقة هذا تضليل لأئمة السلف أو تخطئة لهم جميعاً؛ وذلك لأنهم نصوا على الأصل وهو عدم الخروج، وأنت -تبعًا للحزبيين- تريد أن تجعل الأصل هو الخروج ولا يترك إلا للمفسدة !فهل ترك أئمة السلف التنصيص على (الأصل) ونصوا على (الفرع)؟ وهل وجدت ذكراً لهذا القيد في شيءٍ من كتب السنة؟ أم أنها جميعاً جاءت مطلقة بالمنع من ذلك بلا قيد ولا شرط ؟ نبئونا بعلم إن كنتم صادقين !
11- ما أشبه كتابك هذا بكتاب الكرابيسي الذي عُرض على الإمام أحمد ،وفيه: إن زعمتم أن الحسن بن صالح كان يرى السيف فهذا ابن الزبير قد خرج !
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نصرة الحسن بن صالح فوضع على أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-!!
فقال أبو نصر: إن فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.اهـ     [ تاريخ الإسلام الكبير للذهبي]
                   
الوقفة الثالثة
خطؤه في مسألة تحكيم القوانين الوضعية

1-   نقل الشيخ – عفا الله عنه – كلام السائل: (القوانين الوضعية كفر أكبر أو أصغر قولان معتبران)!
قال:(ولا أدري ما الذي تعتبره منهما قولاً غير معتبر كونها أكبر أو أصغر؟ إن كنت ترى أنها ليست كفرًا أكبر فقد ضللت ضلالاً بعيدًا) ا.هـ.
أقول:
           بل أنت الذي أخطأت خطأً شديدًا، فالقوانين من حيث هي؛ كلامٌ وأحكامٌ وموادٌ منه ما يخالف الشريعة، ومنه ما لا يخالفها أصلاً كبعض قوانين المرور ونحو ذلك.
وما يخالف الشريعة فمنه كفر أكبر، ومنه كفر أصغر، ومنه محرمٌ وليس بكفرٍ أصلاً.
فإذا نص القانون الوضعي على أن من تعدى إشارات المرور فعليه غرامة كذا وكذا فهذا مباح لولي الأمر فعله.
وإذا نص القانون على عقوبة السارق بأنها السجن فهذا حكم بغير ما أنزل الله، لكن ليس بكفرٍ أكبر إذا لم يقترن بما يدل على الكفر من تنقيصٍ أو استهزاءٍ أو عدم صلاحيةٍ لشريعة الرحمن الرحيم، أو جحد لها.
وإذا نص القانون على الدعوة إلى وحدة الأديان أو نص على عزل الدين والشريعة الإسلامية وفصلها عن واقع الحياة وأنه لا يصلح لهذا الزمان فهذا كفر أكبر، وهكذا،
فتعميم القول بأن (القوانين الوضعية من حيث هي كفر أكبر مخرج من الملة) قولاً واحدًا ومن خالفه فقد ضل ضلالًا بعيدًا، خطأ محض وبعد عن الصواب بغير شك.
ولعل قائله تعلق بكلام بعض أهل العلم لم يفهم مراد قائله، فربما يطلق الرجل الكلام على الحكم وهو يقصد الحاكم لا القانون نفسه، بل ربما يقصد القانون نفسه لكنه يرمي إلى النوع الأخير الذي أشرتُ إليه آنفًا ولم ينفِ غيره من الأنواع فهو من باب (العام الذي أريد به الخاص). والله أعلم.
وإلا فمن سلفك؟ وما دليلك على هذا التعميم ؟
2-   قولك: إن من أهل العلم المعتبرين من يرى كفره في التشريع العام. صــ52
أقول:
 1- أنا أشك في فهمك لمصطلح (التشريع العام) فقد لمستُ في بعض المجالس عدم وضوح هذه الصورة عندك وحاولت إيضاح الصورة لك دون جدوى.
-فهل تقصد التشريع للدولة في كل المجالات؟
-أم تقصد: الحكم بغير ما أنزل الله ولو في مسألة معينة واحدة لكن تُفرَضُ على الناس وتُحكَم بها الرقاب ويَقضِي بها القضاة على عموم الناس؟
فإن كنت تقصد الأول فهل من ذكرتهم من أهل العلم يوافقونك على هذا الفهم؟
وإن كنت تقصد الثاني وترجحه فما الفرق بينك وبين (ياسر برهامي)؟
-خصوصًا أنك ذكرت أن القائل بذلك أنه من أهل العلم المعتبرين؟
ولِمَ تتترس ههنا بهؤلاء العلماء -وعندك إجماع السلف على أن الحكم بغير ما أنزل الله فيه التفصيل المعروف- وراجع تفسير الآية من أقوال السلف لترى ذلك؟
فلماذا ظهر عندك اعتبار هؤلاء العلماء رغم خلافهم لإجماع السلف ولم تخطئهم! بينما خطَّأتَهم في موقفهم من أبي حنيفة – رحم الله الجميع –؟ فما هذا التناقض الواضح؟  
هدانا الله وإياك.
الوقفة الرابعة
جُرْأته في الطعن على بعض العلماء
وتهجمه على بعض شيوخ الإسلام
قال الشيخ – هدانا الله وإياه- –:
           (أطبق المتأخرون من لدن ابن تيمية بل وقبله إلى يومنا هذا على أنه – أي أبا حنيفة – إمام جليل من كبار أئمة المسلمين، في حين أطبق السلف على تبديعه وتضليله.) صــ18
وقال أيضًا:(ها أنت ترى كيف أن المتأخرين تواطئوا على إخفاء تبديع أئمة السلف لأبي حنيفة وعدم نشره وطووا ذلك وكتموه وأظهروا خلافه...) صــ20
وقال في الهامش:
           (بل خيانة عظمى وجناية كبرى. )!! صــ21
قلتُ:
1-   هكذا يربِّي الشيخ طلابه على الجرأة على أهل العلم الأكابر بل وشيوخ الإسلام بدعوى الحمية للدين والغيرة على المنهج السلفي.
2-   قوله: (المتأخرين) كلمة تدل على العموم، وهي تشمل كلاً من شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام ابن عبد الوهاب ومن بينهما ومن بعدهما إلى يومنا هذا – رحم الله الجميع – ولسنا في حاجة إلى التدليل فكلامه صريح في ذلك.
3-   اتهام هؤلاء جميعًا بالخيانة للمنهج السلفي والجناية الكبرى عليه.
4- اتهامهم بالتواطؤ على كتمان – هذا الحق – حتى أظهره الله على يديه هو!!
5- اتهامهم بالتواطؤ على إظهار الباطل وهو الثناء على أبي حنيفة.
6- إظهاره لنفسه أمام طلابه أنه أغيرُ على السلفية من هؤلاء جميعًا، وأعرف بالمنهج منهم-طبعاً-!!
7-   لم يلتمس لهم المعاذير، ويكف عنهم إذ لم يجد لهم عذرا، ويلزم غرز أهل العلم من لدن ابن تيمية إلى الآن! وهو-أي المنصوح- معاصر لشيخٍ لقَّبه قبل ذلك بأنه بمثابة أهل السنة والجماعة! حيث قال: [إن[ الفوزان] بمثابة أهل السنة والجماعة اليوم، أجمع على ذلك كل عاقلٍ قاصٍ ودانٍ، فما من عالم أو طالب علم إلا ويستشهد بقوله عند حدوث الإشكالات وحلول المعضلات قد ملأ علمه الآفاق فهو فريد عصره غير مدافع]!.   راجع رسالته مقالات منهجية- المقالة الأولى.
قلت:
فهلا لزمت غرزه! وعرفت قدرك وقدره! وتأخرت عند حدك! ولزمت مكانك ولم تتجاوزه!
8-   الغريب والعجيب من شأنه أنه لا يلتمس المعاذير لأحدٍ ولو لشيخ الإسلام في حين يطالب –الناصحين له- أن يلتمسوا لك المعاذير ويحسنوا به الظن، ويعاملوه بما عامل به السلف شعبة -لما قال: إن طلب الحديث يصد عن ذكر الله وعن الصلاة-!
9- وأعجب من قولك: [فها أنذا لم أطعن وغُمز فيّ ولمز]. صــ25
10-         وقال: [لتعرف أن كلام "المعاصرين" اليوم في النووي وابن حجر لا يمت للمنهج السلفي بصلة]. صـ18
11-         وأضف إلى ما سبق قوله: [المشكلة أنكم لم تعرفوا السلفية إلا من "المعاصرين" فما قالوه قلتم به، وما سكتوا عنه سكتم عنه، أليس هذا ما تعلمتموه وعرفتموه]. صـ16
قلت: هنيئًا لطلابك أن يأخذوا السلفية عنك وحدك لا شريك لك!
وإذا كنت قد أسقطت كل أئمة الزمان من المعاصرين فما بالك تتشدق وتتكئ على كلام بعضهم في المقاطعات والتكفير بالتشريع العام؟! فهل من مدكر؟؟
الوقفة الخامسة
اضطرابه في معنى "الطعن" وتناقضه فيه

لقد اضطرب الشيخ عماد في تصوره للطعن؛ فإذا عثر على لفظةٍ نابيةٍ صدرت من عالمٍ جليلٍ في عالمٍ آخر اعتبرها طعنًا، وإذا صدر منه هو ما يَستسقِط الحَبَل، ويلتمس البصر، ويُصِم الآذان فلا شيء! فهو يبصر القذاة في أعين العلماء ويعمي عن الجذع في عينه!
1-   فأما طعنه-هو- فقد سبق في الوقفة الرابعة كطعنه السابق على المتأخرين عمومًا بما فيهم ابن تيمية وابن عبد الوهاب وكل أئمة الدعوة النجدية بلا استثناء بأنهم:
      (تواطئوا على كتمان الحق وهو تبديع السلف لأبي حنيفة وإظهار الباطل وهو الثناء عليه ونشروا هذا الباطل ووقعوا بسبب ذلك في خيانة عظمى للمنهج السلفي وجناية كبرى)
فإن قال: هذا ليس بطعن!
قلنا: إذن ليس هناك طعن على وجه الأرض! فلِمَ تثرب على غيرك إذا وقع فيما هو دون ذلك بكثير؟!
2-   قوله:[فكيف بمن طعن بغير حق في عَلَمٍ من أعلام المسلمين كابن القيم حيث يقول – يعني الألباني –: ابن القيم سن سنة سيئة في كلامه عن النزول على الركبتين].
والجواب:
‌أ-  أين التوثيق العلمي لهذا الكلام؟ أين مصدره؟ أيها السلفي المنصف، فضلاً عن العالم المحقق؟ فضلاً عن (شيخ الإسلام والمسلمين!!!)
‌ب-   سلمنا بأن الألباني – رحمه الله – قال ذلك فهو عالم مجتهد بلغ رتبة الاجتهاد بلا منازع.
‌ج-           الألباني في زمنه لا ينقص عن ابن القيم في زمنه من حيث الإمامة والاجتهاد والعلم لاسيما علم الحديث بل يفوق ابنَ القيم – رحمه الله – في هذا الباب بلا مرية وإن تفوَّق عليه ابن القيم في أبواب كثيرة أخرى، ففي كل قرن سابقون، فالألباني في زمنه كابن القيم في زمنه – إن شاء الله – فهو يشبه كلام الأقران من بعض الوجوه.
‌د-            بل ليس في هذا الكلام طعنٌ أصلاً، فالسنة هي الطريقة، ومعلوم أن ابن القيم تكلم في مسألة النزول على الركبتين كلامًا طويلاً فكل من جاء بعده اعتمد على بحثه ذلك مع ما فيه.
ولما بحث الألباني – رحمه الله – هذه المسألة بحثًا قويًّا؛ فقهًا وحديثًا وأجاب عن إيرادات ابن القيم – رحمه الله – قال ما قال، فيُحتمل من مثله ما لا يُحتمل ممن دون ذلك.
‌ه-  سلمنا أنه طعن في ابن القيم بهذا الكلام فكيف بمن قال: [ها أنت ترى كيف أن المتأخرين-بما فيهم ابن القيم بل وشيخه- تواطئوا على إخفاء ... وعدم نشره وطووا ذلك وكتموه ... وأظهروا خلافه ... خيانة عظمى وجناية كبرى...].
فأي الفريقين أحق باسم الطعن في عَلَمٍ من أعلام المسلمين إن كنتم صادقين؟!!
3-   وأما بقية تهمه للألباني – رحمه الله – بأنه قال: (علماء السعودية علماء بلاط). (من أثبت حديث الصورة فقد وقع في التشبيه) ومن قال: ("من تأول حديث الصورة فهو جهمي" تشدد وحماقة). (وشيخ الإسلام تناقض تناقضًا مكشوفًا) و(من أدرى ابن تيمية بالإجماع). ص 24، 25. وقوله: [والألباني يطعن في أئمة السلف وعلى رأسهم الإمام أحمد ويتهمه بالتشدد والحماقة]. ص 25.
فالجواب:
‌أ-    أين التثبت فيما نسته لأهل العلم أيها المحقق، ألست القائل: (فآمل ممن يطلق التهم الجزاف أن يتقي الله في نفسه وفي المسلمين وألا يسارع إلى نسبة شيء لأحد إلا بعد التثبت) أو نحوًا من هذا الكلام؟!
‌ب-  وعليه فلسنا مطالبين بالجواب عن شيءٍ لم يثبت بتوثيقٍ علميٍ إلى قائله، ولا ينفعك قولك: (قد شكك شيخك في نسبة هذه الأقوال إلى الألباني وهذا من جملة جهله وتعالمه فلا حرج عليه)اهـ فالجواب بفضل الله سهل ميسور، أقول: لقد ألقمك حجرًا ولم تحر جواباً عليه إلا بالسباب! قل هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
فالأولى مما يروجه الحزبيون، والأخريين (الإجماع والتناقض) فليستا بعيدتين عن لغة أهل العلم في الإلزام بالتناقض وإنكار دعوى الإجماع.
وأما الثانية والثالثة فزلةٌ ولا شك، وموقفنا منه كموقف السلف من ابن خزيمة – رحمه الله-.
وأما قوله (تشدد وحماقة): فليس بأسوأ من أقوالك السابقة،
 على أننا نعتذر له، ولا نعتذر لك، لأنه عالم رباني مجتهد، وليس هذا من منهج الموازنات، وإنما من باب " أنزلوا الناس منازلهم، وأقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم"  وهذا -بلا شك- من الذي يُطوى ولا يُروى، فما بالك تُظْهِره وتنشره من باب "عليَّ وعلى أعدائي"!
 فبدلاً من أن تلتمس الأعذار لأهل العلم الكبار جعلت رأسك برأسهم وطالبتنا بأن نعاملك بما نعاملهم به. فإما أن نمرر لك طعنًا وإما أن نسقط هؤلاء فتكونون سواءً!!
اعرف قدرك – بارك الله فيك –، وتواضع يرفعك الله،
 وأما قولك: [الألباني يطعن في أئمة السلف وعلى رأسهم الإمام أحمد ويتهمهم بالتشدد والحماقة]
فتلك يجازيك الله عليها!
4-   وكذلك ما نسبته للشيخ ربيع-حفظه الله- من طعنه في كل من: (الأعمش وشعبة وأحمد والثوري ومحمد بن عبد الوهاب وابن باز وابن عثيمين والألباني والعباد والفوزان)، (بل وجرب عليه الكذب مرات)!! ص3، ص 47.
فالجواب:
‌أ-    يا شيخ اتق الله! أبهذه السهولة والجرأة؟ فمن الذي جرب على الشيخ ربيع الكذب؟ وهل - الذي جَرب عليه الكذب- عدلٌ وثقة، أم مبتدع زائغ؟ وهل ثبت لديك أن الشيخ يكذب فعلاً؟ وهل تعددت هذه المواقف حتى صارت (مرات)؟ بالله عليك هل يسرك أن تلقى الله بهذه الشهادة؟ وهل هذه مقاييس الجرح عندك والتكلم في الرجال مَركَبٌ خطر، أين الورع؟ وأين التثبت؟ وأين الإنصاف؟ بله أين التقوى؟ بل أين الدين؟
‌ب-  إذا ثبت شيء من كلام الشيخ ربيع في أحد هؤلاء فلابد من النظر فيه هل هو طعن أم لا، لأننا لا نعرف للطعن عندك حدًّا معلومًا وتعريفًا جامعًا مانعًا تطبقه على نفسك وعلى غيرك!
‌ج-   إذا كان قال: (ابن باز طعن السلفية طعنة نجلاء) – إن ثبت ذلك عنه – فليس بأسوأ من قولك في ابن باز وغيره في شأن أبي حنيفة كما مضى.
وإذا كان قوله عن الألباني: (سلفيتنا أقوى من سلفية الألباني) طعنًا فليس بأسوأ من قولك عن سلفية سوهاج أنهم أفضل سلفية في العالم؟! فأين الفوزان واللحيدان ,......،......؟!
وإذا كان الأمر كذلك وبما أنك شيخ سلفيي سوهاج إذن فأنت إمام السلفية في العصر الحاضر!! بل قد صرحت بذلك –متهكماً- (أنك شيخ الإسلام والمسلمين)جـ2 من ردك هذا !
5-   طعنه على الشيخ مقبل – رحمه الله تعالى –، قال: 1- لست مهتمًا به أصلاً ولا بدعوته! 2- تعال لنعقد مقارنة بيني وبين مقبل! 3- قوله- أي الشيخ مقبل –: (أنا لا أكفر من قال: القرآن مخلوق، أعتبره مبتدع – كذا – ...)... إلخ.
الجواب:
‌أ-    هل هذا قدر العلماء السلفيين المصلحين عندك؟ ولماذا لم تلزم غرز الأئمة الذين تتشدق عند الحاجة بفتاواهم – وقد أثنوا على هذا الإمام – رحمه الله – وعلى دعوته –.
‌ب-  وهل كبرت نفسك عندك حتى قرنتها بهذا الإمام ثم لم تكتف بذلك حتى صرعته وفزت عليه من الجولة الأولى؟
‌ج-   وهل تحققت من نسبة هذه الأشياء إليه وأنه لم يرجع عنها-بعد ثبوتها -؟
‌د-    وهل هذه ألفاظه بعينها؟ يعني هل قال: من قال القرآن مخلوق فأنا لا أكفره؟! أين هذا يا رجل اتق الله!
‌ه-    والعجيب أنك جعلت من مساويه أنه قال: [الخروج على الحكام جمهور أهل السنة لا يجيزونه ومنهم من يجيزه والصحيح الأول] ص 60، وهو عين قولك، وفي هذه الرسالة بعينها، فما أسرع ما نسيت؟!! ثم ذهبت لتطعن في الرجل بما فيك مثله، كما قيل: رمتني بدائها!!
‌و-   إذا كنت في آخر الرسالة (ص60) نسيت ما قررته في أولها (ص8، ص9) ففي أولها تثبت الخلاف في المسألة بل تقول: [إن العلماء القائلين به كثر] وفي آخرها طعنت على الشيخ مقبل – رحمه الله – أنه ذكر الخلاف رغم أنه رجح عدم الجواز، فإذا كانت ذاكرتك بهذه المثابة من الضعف فلماذا تكذب إخوانك في شهادتهم عليك ونصيحتهم لك فيما لمسوه منك وتقسم بالأيمان الغلاظ على نفيه؟ أليس من المحتمل أن تكون قد نسيت وهم ذاكرون كما في مسألتنا هذه؟!
‌ز-   ثم ما هذه الروح الدموية التي تشتهي الإسقاط ولو لأئمة الدعوة السلفية لمجرد غضبة يغضبها الشيخ! ولسان حاله يقول: (ما كان أغنانا عن إسقاط الرجل، لكن على نفسها جنت براقش فلم أغضبتموني وأنتم تعرفون أني لا أقف على أحد).! فهل ينفعك التباكي بعد ذلك قائلاً: [فانظر كيف يصنع الحمق بأهله فالرجل كنا في غنى عن ذكره ... فكانوا كعنز السوء ... فما الفائدة التي ستعود عليّ وعلى الدعوة لو صرحت بهذا؟!] ص 60.
قلت: وما الفائدة التي تعود عليك إذا (أظهرت تبديع  السلف لأبي حنيفة) وهل إظهار تبديعه في كل زمان ومكان من أصول دين الله –عز وجل-!
         يقول هذا وكأنه لم يصرح؟! ولم ينشر؟ وكأنه يتوعد ويتهدد لا تغضبوني وإلا أسقطت كل من تتعصبون له ففي الجعبة المزيد – سترك يا رب،سلم يا رب سلم–،
وهكذا فالرجل لا سلطان له على نفسه ولا يملك نفسه عند الغضب، بل غضبه يسيطر عليه ويتحكم فيه كيفما شاء فهو كالحادّ النحرير الذي لا يقوم له شيء إلا قمعه بسيفه وهذا أول من تبطحه الفتنة، كما جاء في الأحاديث، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
‌ح-   أهكذا تربي طلابك؟! فمَن أبقيتَ لهم -غير نفسك-؟!! فتارة تقارن نفسك بالألباني وتَظهَر عليه، وأخرى بمقبل وتظهر عليه، وأما ربيع فلا يُقارن بك أصلاً! ولو سلمنا أن أخطاءك أقل من أخطائهم؟ فهل جهادك، ونفعك للأمة، ونشرك لمنهج السلف بل إحياؤه أكبر من جهادهم ونفعهم ونشرهم وإحيائهم؟! الجواب : المقارنة بينك وبينهم لا تصح ابتداءً !!
الوقفة السادسة
خلطه بين منهج السلف مع زلات العلماء
ومنهج الموازنات مع المبتدع

الحق أحق أن يتبع، والحق أقدم منك والمرء ليس بمعصوم فلا عليك أن تراجع نفسك في هذا آخذًا في اعتبارك ما يلي:
1- أنك ترمي في هذه الرسالة كل من يعتذر عن زلات العلماء ويلتمس لهم المخارج بأنه يكيل بمكيالين ويتبع المنهج الانتقائي، واللوم عليك لا عليه.
2- لا يخفاك أن الزلة لا تكون في الأمور الاجتهادية، فالأمر فيها واسع أصلاً، بل المقصود "زلة حقيقية".
3- ولا نخالفك في أن من وافق أهل البدع في أصلٍ من أصولهم الظاهرة والتزمه ودافع عنه ووالى وعادى عليه ودعا إليه فلا مجال للاعتذار عنه أو له فلا ينطبق عليه ذلك.
                                                          قواعد في التبديع ص 15.
4- وإنما كلامنا في من كان من علماء أهل السنة والجماعة المتحققين بها، ثم زل في مسألة من المسائل؛ كمن يكون في أصل منهجه مثبتًا للصفات ثم يتأول صفة منها، كابن خزيمة وابن منده في صفة الصورة، أو من كان موافقاً لاعتقاد السلف في القرآن وكلام الله  - تعالى – ثم يطلق القول بخلق الإيمان كمحمد بن نصر المروزي أو من يكون موافقًا لأهل السنة بل لأهل الإسلام في أن النبوة ليست مكتسبة ثم يطلق عبارة موهمة تُفهم خلاف ذلك كابن حبان.     كشف حقيقة الموازنات لأبي حازم ص 113.
5- وأذكرك بهذه النقول:
قال شيخ الإسلام-رحمه الله-:
           (ومن له في الأمة لسان صدقٍ عامٍ بحيث يثنَى عليه ويُحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم وعامته من موارد الاجتهاد التي يُعذرون فيها). [مجموع الفتاوى: 11/43].
قلت: فتأمّل قوله "فإن عامته": والمقصود أغلبه وليس كله. وهذا حق فإن الزلات قليلة جداً بالمقارنة بالأخطاء الاجتهادية.
وقال ابن القيم – رحمه الله –:
           (ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعًا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان، وقد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده فلا يجوز أن يُتَّبع فيها ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين). [إعلام الموقعين 3/283].
وقال أيضًا:
           (فإن صاحب المحاسن الكثيرة الغامرة للسيئات ليُسامَح بما لا يسامح به من أتى مثل تلك السيئات وليس له من تلك المحاسن). [الفوائد 195].
قلت:
‌أ-    هل ابن القيم هنا يقرر المنهج الانتقائي ويكيل بمكيالَيْن؟!
‌ب-  هل لك أن تقول: فلماذا لم تعاملوني بما عامل به السلف شعبة؟ ولماذا لم تعاملوني بما عاملتم به الألباني ومقبلاً وربيعًا؟!
وقال الذهبي – رحمه الله –:
           (ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه؛ نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك). [السير 5/271].
وقال في ترجمة الإمام ابن خزيمة:
           (ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدّعناه لقلّ من يسلم من الأئمة معنا – رحم الله الجميع بمنه وكرمه –). [السير 14/376].
قلت:
           وهذا كلامك أيضًا من قبل ومن راجع كتبك ورسائلك لم يحتج معها إلى مراجع أخرى في هذا الباب.
وعلى كل حال فالذي يبدو أن هذا الخلط وعدم التمييز الدقيق بين الموازنات وزلات العلماء ليس دائمًا عند الشيخ بل يبدو تارة ويختفي تارة، وأكثر ما يكون في مجالس الشيخ الخاصة، وقد بلغ ذروته في هذه الرسالة.كما قيل :
    لا تمدحن ابنَ عبادٍ وإن هطلت          يداه بالجود حتى شابه الدِيَما
    فإنها خطراتٌ من وساوســـه           يُعطِي ويَمنع لا بخلاً ولا كرماً
                                                     والله الهادي إلى سواء السبيل.
الوقفة السابعة
أنه جمع لأهل الأهواء ما لم يقدروا على جمعه

يلاحظ أن الشيخ المنصوح –عماداً- أراد التشفي ممن اتخذهم خصومًا له فَغَلا في ذلك غلوًّا جعله لا يرى غير هدفه مهما كان الثمن، فجاءت رسالته سَلةً يجد فيها أهل البدع من أعداء السلفيين ما شاءوا فالتكفيري (الذي يكفر حكّام المسلمين المبتلين بتحكيم القوانين الوضعية والذين ابتليت بهم الأمة) يجد فيها بغيته.
والإخواني الداعي إلى المظاهرات والمقاطعات يجد فيها ضالته.
والخارجي الذي لا يرى السمع والطاعة لأئمة الجور يجد فيها كنزًا نفيسًا ومتنفسًا لبدعته.
والقبوري الصوفي المعادي لأئمة الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأئمة الدعوة يجد فيها ما ينصر فرقته ويطعن بها في عين أعداء نحلته.
والمبتدع القطبي الذي أحرقته سهام (الألباني وربيع ومقبل) يأخذ منها ما يقوي حجته.
وأنت خبير بأن العلم يُكتم للمصلحة ولو كان حقًّا في ذاته ولا يخفى عليك حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – لمعاذ – رضي الله عنه –: (لا تخبرهم فيتكلوا) ولا أثر:(ما أنت بمحدث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)فكيف إذا كان فيه من الباطل ما فيه، بل وصاحبه لا يعتقده أصلاً وإنما ذكره على سبيل المغالبة للخصم فقط ولئلَّا يُخَطَّأ.
فهل يُؤمَن مثل هذا على الطلاب؟
وإذا ثار غضبه، وهاج طبعه، سمعت ما شئت وما لم تشأ، ورأيت ما لم يخطر على قلبك، وليذهب الناس إلى الجحيم. ولِمَ كل هذا؟ ألأنك نوصحت؟ وخُطِّئت ؟وأُرسِلت إليك أسئلةٌ لتجيب عنها، والله ما رأيت مثل خلقك وطباعك؟!!
 ثم تقول: (اللهم عليك بالظالمين الذين لم يرقبوا فيَّ إلا ولا ذمة)!! سبحانك!
لقد جعلت نفسك فوق النقد، بله فوق الطعن لذا كان الهياج،والصراخ،والتوتر.
 ونسيت أن هذا عين ما تعيبه على غيرك ؟!
الوقفة الثامنة
كلمة مجملة يُفهم منها نفي العذر بالجهل مطلقًا
قال:      [ولا يُقال – يعذرا (كذا) بجهلهم – أي النووي وابن حجر – من أجل زمانهم الذي وجدوا فيه فإن هذا ليس بعذر فالأرض لا تخلو من قائم لله بحجة]. ص 17.
قلت:
           قوله (فإن هذا ليس بعذر) ثم يذكر العلة في عدم قبول هذا العذر بقوله: [فالأرض لا تخلو من قائم لله بحجة].
فهل يُفهم من ذلك إغلاق باب "العذر بالجهل" أصلاً وقد يُستدل له بحديث (لا تزال طائفة....) الحديث.
والجواب: هل وجود الحجة يستلزم بلوغها إلى المعين؟
ولو كنا ممن لا يرقب فيه إلا ولا ذمة – كما يدّعي – لكان لنا شأن آخر.
ولو كنا لا نحمل المجمل على المُفَصَّل لاهتبلنا هذه الفرصة،
والحقيقة أن إخوانه من الناصحين له كانوا أعرف الناس بمجمله ومفصله قبل التغير وكذلك في الفترة الأخيرة، فنقدهم ينبغي أن يُؤْخذ بعين الاعتبار،وأن لا يثار حوله كل هذا الغبار، والله المستعان.
الوقفة التاسعة
جمع  خيله ورجله وجعل أعداءه جميعًا نصب عينيه

وغَرَضَ سهامِه ورماهم عن قوس واحدة في هذه الرسالة حتى يُخَيَّل للقارئ أن (المردود عليهم) في الرسالة قد جمعوا كل بليّة!
 وهذا إيهام خطير، وتلبيس شديد عن قصد أو غير قصد – فالله حسيبه –.
فمثلاً:
           شحن الرسالة بالرد على من يتعصبون للشيخ ربيع، ولو بالباطل كمن يقول:(ربيع معصوم في المنهج)، أو من يوالي ويعادي على الكلام في فالح والحداد والحجي...
أو من يعقد الولاء والبراء على الكلام في المقاطعة،....إلخ
 وكل هذا من الباطل الذي لا نقول به، ولا ندين الله به، لكن نفسية الشيخ -عفا الله عنه- لم تتسع للإنصاف والروَّية بل إثارة الغبار على الخصم حتى يُعَمِي أصل القضية وموطن النزاع ولو باستعمال التهويل والتشنيع والإرهاب!
 يا هذا أتظن أنك ترهبنا بذلك؟!
حقًّا إن الكاتب دنس رسالته بزبالات المنتديات وأكاذيبها وقماماتها ونفاياتها بلا توثيق علمي على المبدأ العامي الأرذل "خذوهم بالصوت"!
أستحلفك بالله هل تعلم عنا أننا نقول: الرد العلمي على الشيخ ربيع-حفظه الله- أو غيره رداً علمياً أنه ممنوع أو فتنة ؟!
أين قلنا ذلك؟ ومتى؟ اتق الله فينا!
ألستُ قد صنفت رسالتي "سلفيون لا مقلدة هكذا فليكن التترس" في شأنه في مسألة الإيمان؟!
لكنك  – هداك الله – تجاوزت الحد والإنصاف  بل تجاوزت الغلو والشطط !!
فأقول:
           من حاول أن يُظهر القضية للناس في صورة أننا ننكر مجرد الرد على الشيخ ربيع وأنه فوق النقد وأننا نقول: إن الكلام في الشيخ ربيع من طرائق المبتدعة! من حاول ذلك فهذا كذب محض.
فقولك: [سلمت لكم أن علماء السنة ليسوا إلا الألباني وربيع-كذا- فحسب وأن بيان أخطائهما ليس من النقد العلمي في شيء بل من الطعن الشديد، وأن هذا مأخذ شديد عليّ يوجب على أقل الأحوال هجري والتحذير مني وقد فعلتم]. صــ30
إنْ هذا إلا محضُ افتراء!
وقولك: [فإما أن تلتزموا بذلك – يعني التحذير من ربيع – أو تعترفوا أنكم أهل كذب وتشغيب لم تريدوا بذلك وجه الله ولا الدفاع عن شيوخكم بل بغيتكم الدفاع عن معتقدكم الخبيث ليس إلا بعد أن أصابتكم لوثة الإرجاء فتترستم بهما وزعمتم الدفاع عنهما هذه هي الحقيقة لا شيء غيرها].
الجواب:
1- حقيقة لا أدري من المقصود بذلك لكن الذي يفهمه القارئ أن المقصود هو (المردود عليهم)؛ نحن! خاصةً وأن الكاتب استخدم الأسلوب العشوائي الذي استكثر فيه من الضمائر التي لا يَعرف مرجعَها ولا المرادَ منها إلا كاتبُها ؛ فالله حسيبه.
2- فإن كنت تقصدنا بذلك – أي الناصحين لك – فأنت تعلم براءتهم من الإرجاء كبراءة الذئب من دم يوسف – عليه السلام –، وأخص بالذكر رسالة "سلفيون لا مقلدة" فإنما هي رد على هؤلاء وقد أثنيت عليها بنفسك فقلت: (كم من العلماء كتبوا وصنفوا في مسائل الإيمان لكن رسالة الشيخ محمود لها طعمٌ خاصٌ) وذلك في حُجرة الشيخ محمد حسن في مسجده "بلال بن رباح".
3- وإن كنت تقصد تلاميذ الشيخ ربيع ممن تتشاتم معهم على الشبكة فلسنا منهم في قبيل ولا دبير، فلِمَ تذكرهم هنا موهمًا قارئ الرسالة أننا وهم سواء، وأننا نتترس بالإرجاء – معاذ الله –؟
وكذلك الشيخ حازم له رسالة في ذلك، ومعتقد الشيخ محمد عبد العليم، والشيخ سيد علي كذلك وهو يعلم يقينًا، فلِمَ يعيبنا بذنب غيرنا؟!
(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ..) [المائدة: 8].
4- يا هذا تعلم أصول الرد، وإنصاف الخصم من نفسك، وتحرير موضع النزاع، وعليك بالوضوح والبيان، فنحن قدمنا لك أسئلة واضحة مختصرة والجواب عنها سهل ميسور – إن شاء الله –.
فلِمَ ضاقت عليك الأرض بما رحبت ولم كل هذا الصراخ والهياج والحمية والغضب؟!
هل أنت فوق النقد؟!
هل أنت فوق النصيحة؟ هل أنت معصوم من الخطأ؟!
فلم كل هذا؟ - هداك الله – !
الوقفة العاشرة
قولك: [فالرجل – يقصد ربيعًا – يغلو في جرحه ومدحه]. صــ6
قلت:
         لا تعِبْ الناسَ على ما فيك  مثله،
 قال – تعالى - : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة: 44].
فالذي يغلو في جرحه ومدحه هو أنت.
ففي جانب المدح جعلت إخوانك – وهم هؤلاء الناصحين، وغيرهم من طلبة العلم في سوهاج – جعلتهم أفضل سلفية في العالم! بينما تلوم على الشيخ ربيع قوله: (سلفيتنا أفضل من سلفية الألباني)!
وكنت تقول (فلان) أرطبون الدعوة السلفية! وذلك لحكمته ورجحان عقله، بل وكاتب هذه السطور كنت تقول عنه كذا وكذا – وكنت لا أُسَلمُ لك بذلك – بل كنتَ تتمثل كثيرًا بالمثل العامي: (ابن بطني يعرف رَطْني) إذا أعيا إخوانَك فَهمُ مقصودِك كنتَ تشيرُ إليّ بذلك أنني أعرَف بك منهم جميعًا وغير ذلك مما يعرفه طلاب العلم الذي يقرءون كلامي هذا.
وفي جانب القدح وذلك بعد أن بذلوا لك النصيحة شفويةً، ومكتوبةً من بعضهم، قَلَبتَ لهم ظَهر المِجَن، فكبيرهم صار مجرد (صديق أحمق)!! ص8، و (فيه بقيةٌ من خير) ص2، وثانيهم متعالمٌ كذابٌ، وثالثهم جهولٌ مفترٍ، ورابِعُهم.........فإلى الله المشتكى.
ثم عممت وأطلقت: [المفترون]، [الجهلة]، [المغرضون]، [الأفاكون]، [ومع ذلك يكذبون ووالله إنهم لكاذبون]، [لا يحسنون إلا الطعن في الظهور والكلام من وراء وراء كصنيع النساء].
[مما عليه هؤلاء من الجهل والكذب عليّ]، [وتطاول عليّ سفهاؤهم].
واتهمتهم (بتصيد العثرات) (وحب الظهور) (وشهوة الإسقاط)،( واتباع الهوى).
وتارة تتهكم بهم قائلاً:( أصحاب السماحة)! وتتساءل متعجبًا من أخلاقهم:( فهل هذه أخلاق مسلمين بله سلفيين)؟!
رويدك رويدك،
بعض شدتك...
هونًا هونًا.
مهلاً مهلاً – بارك الله فيك –.
إذا كان هذا حالك مع أفضل سلفية في العالم كما زعمت وهم مع ذلك خاصتك وصفوتك وشركاؤك في مأكلك ومشربك وسفرك وإقامتك بعد أن أغضبوك بحق أو بباطل! فكيف بغيرهم؟!
هل صارت الشتائم طبعًا فيك وسجية لا تفارقك؟ لقد خشيت عليك أن يأتي اليوم الذي لا  تجد فيه من تطعنه أو تجرحه فتقول كما قال الحُطَيئة:
أبَتْ شفتايَ اليومَ إلا تَكَلُمًا           بسوءٍ فلمْ أدرِ لمن أنا قائلُه
فلما لم يجد من يشفي منه غيظه وينفث فيه سمه هجا نفسه فقال:
أرى لي وجهًا قبح الله شكله            فقُبِّح من وجه وقُبِّح حاملُه!!                                                              
ولعل قائلاً يقول:
         وأي ضرر في ذلك فالرجل أثنى عليكم لما كنتم على الجادة فلما انحرفتم تغير قوله فيكم؟
والجواب:
1- ما هو انحرافنا؟ هل ابتدعنا بدعة؟ هل خالفنا أهل السنة في أصل من أصولهم؟ هل وافقنا أهل الأهواء في أصل من أصولهم؟ فما وجه انحرافنا؟ أيكون الطعن فيه هو طعنًا في السلفية؟ أيكون الكلام فيه من طرائق المبتدعة؟ أيوالى ويعادي على شخصه؟
فوالله ما هي إلا النصيحة! فلم يقبلها قبولاً حسنًا ولم يردها ردًّا حسنًا، وإنما أخذه ما قَدُمَ وما حدُث، فأوسع الناصحين سبًّا وشتمًا.
2- هب أن الأمر كذلك وأنه يُعْتَذر له بذلك فلماذا لا يعتذر لربيع بمثل هذا العذر نفسه، في نفس هذا المأخذ؟
أحرام على بلابله الدوح            حلال للطير ...........!


الوقفة الحادية عشرة
قوله: [قارن بين صنيع أئمة السلف مع البخاري إمام الدنيا من أجل لفظ موهم] ص 18.
والجواب:
1- قوله: [أئمة السلف] يفيد العموم! فهل هذا حق؟!
2-    سلمنا أنه قصد العهد الذهني مع الأئمة الذين هجروا البخاري – رحمه الله – فهلاَّ سمَّيْت لنا منهم عشرة! أو خمسة من هؤلاء الأئمة، مع الأخذ في الاعتبار أنهم أئمة!!
3-    أليس الذين هجروا البخاري – رحمه الله – الإمام محمد بن يحيى الذهلي وطائفة من أصحاب الحديث وجملة من العوام فلماذا هذا الإرهاب والتهويل بأئمة السلف؟!
4-    كيف تستدل بهجر هؤلاء للإمام البخاري وهو المصيب وهم المخطئون؟
5-    إذن فهجرهم ليس هجرًا شرعيًّا، فكيف تستدل به أصلاً؟
6-    قال ابن القيم – رحمه الله –:
           (فخفي تفريق البخاري وتمييزه على جماعة من أهل السنة والحديث ولم يفهم بعضهم مرادَه فتعلقوا بالمنقول عن أحمد نقلاً مستفيضًا أنه قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق فهو مبتدع، وساعد ذلك نوع حسد باطن للبخاري لما كان الله نشر له من الصيت والمحبة في قلوب الخلق واجتماع الناس عليه حيث حلّ حتى هضم كثير من رياسة أهل العلم وامتعضوا لذلك فوافق الهوى الباطن والشبهة الناشئة من القول من القول المجمل، وتمسكوا بإطلاق الإمام أحمد وإنكاره على من قال لفظي بالقرآن مخلوق وأنه جهمي، فتركب من مجموع هذه الأمور فتنة وقعت بين أهل الحديث....
فالبخاري أعلم بهذه المسألة وأولى بالصواب فيها من جميع من خالفه، وكلامه أوضح وأمتن من كلام أبي عبد الله، فإن الإمام أحمد سد الذريعة حيث منع إطلاق لفظ "المخلوق" نفيا وإثباتا على اللفظ... وأبو عبد الله البخاري ميز وفصل وأشبع الكلام في ذلك وفرق بين ما قام بالرب وبين ما قام بالعبد). [مختصر الصواعق 2/284].
قلت: وكثير ما كنا نسمع احتجاج الشيخ بهذا الموقف على أنه موقف السلف ممن زل ولو في مسألة كهذه أو لفظ موهم.
فهل هؤلاء أصابوا فيما فعلوا؟ وهل هم أئمة السلف؟ وهل البخاري أخطأ – أصلاً –؟
وهل تكلم بلفظ موهم أو مجمل؟
والجواب: كلا بل فصل المجمل وفرّق بين تلفظ العبد وكلام الرب.
وتأمل كيف تعامل الإمام أحمد مع الفتنة في زمن الجهمية، وأطلق العبارة، فلما تجلت الفتنة وانقشعت وفضح الله الجهمية ونصر الله السنة تعامل البخاري – رحمه الله – بمقتضى ذلك الزمان فلم يجمد على ظاهر كلام الإمام أحمد بل راعى الزمان والحال وعلم أن مقصد الإمام هو سد الذريعة وسد الطريق على الجهمية وقد سُدَّت بالفعل،
 إذن فليُفَصَّل المجمل ولتحرر العبارة التي روعي فيها زمن الفتنة فكان ما كان.
فهذا( تشريح، وتأصيل، وفهم) ابن القيم للقضية، وذلك فهمك لها !
سارت مشرقة وسرت مغربًا        شتان بين مشرقٍ ومغرب
وكأني بالشيخ لو كان في زمن البخاري-رحمه الله- لهجره مع الهاجرين بحجة أنه خالف منهج السلف، والله أعلم.
7- سُئِل أحمد – رحمه الله -: إذا جاء الشيء عن رجل من التابعين لا يوجد فيه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – يلزم الرجل أن يأخذ به؟        قال: لا!
وقال الألباني – رحمه الله –:
         (الآثار السلفية إذا لم تكن متضافرة متواترة فلا ينبغي أن يُؤخَذ عن فرد من أفرادها منهج). [سلسلة الهدى والنور: شريط حقيقة البدعة].
 قلت: وهذا مهم للغاية فمنهج السلف إنما يؤخذ مما تواتر عنهم وأجمعوا عليه لا من مفاريد ما رُوِي عن بعضهم، وإذا كان الناس قد اختلفوا في حجية قول الصحابي فضلاً عن فعله، فكيف بأقوال من جاء بعدهم؟ فضلاً عن أفعالهم!
وفي اعتقادي أن الشيخ عماداً قد أُتِى من هذا الباب فهو يلتقط بعض المواقف لبعض أئمة السلف فيبني عليها منهجًا، في حين أنه إذا ناقش مسألة فقهية فهو لا يرى قول رجل من أئمة السلف من التابعين وتابعيهم لا يرى قوله حجة -وصدق في ذلك-، لكنه إذا تكلم في المنهج تغيّر الأمر. فتراه يستدل بموقف أو موقفين –مثلاً- على أن هذا هو منهج السلف!! وهذا تناقض. ومن نظر في سلسلته "منهج السلف في التعامل مع أخطاء العلماء" عرف أنه يحاول تأصيل أصول مخالفة لمنهج السلف ويحتج –ربما- بموقفٍ واحد!
فمثلاً: في رسالة (داود بن علي الظاهري) بعد أن ذكر جملةً من فضائله، قال: فكان ماذا؟ امتنع الإمام أحمد عن الاجتماع به وعاب على من جلس معه، ونهى أئمة الإسلام عنه، فهجره الناس.اهـ
وقال: [السلف – رحمهم الله – كانوا يبدعون بأشياء أقل بكثير مما نرى ونسمع اليوم]اهـ.
قلت:
 الجواب على ذلك في نقاط محدودة:
1- السلف – رحمهم الله – لم يُبَدِّعوه-أي داود- أصلاً، كما ذكرت أنت في أول البحث فلعلك نسيت!
2- بل أثنوا عليه خيرًا وحملوا كلامه على المحمل الحسن.
3- بل عدوه من أئمة السنة وأهل الحديث والعقيدة السلفية كما ذكرت أنت في صلب الرسالة، فلعلك نسيت أيضًا!
4- لم يبقَ لك مستند في بحثك إلا هجر أحمد له، ومعلوم أنه –أي داود- قال كلمة مجملة محتملة موهمة في زمن الفتنة وهي (القرآن محدَث) فتصرُفُ أحمد محمول على سد الذريعة والزجر، قال – تعالى –: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأنبياء: 2].
فالمحدَث يأتي بمعنى( المخلوق )وهذا قول الجهمية، والمحْدَث يأتي بمعنى
( الحادث المتجدد على حسب الوقائع والنوازل) فالكلمةُ موهمةٌ، والزمنُ فتنةٌ، ولذلك استقر الثناء عليه من الأئمة الذين ذكرتَ أقوالهم في رسالتك ثم خالفتهم جميعًا!! بل ممن أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي!
5- هذا المستند لا يعدو أن يكون "واقعة عين" وقد ذكرتَ في أول بحثك أنك لن تستدل بوقائع الأعيان إذ لا عموم لها. (صـ1) فوا عجبًا! لعلك قد نسيت!
6- يلزمك أن تفعل- أو تقبل -ما فعله أئمة السلف من الثناء عليه رغم ما وقع فيه وزل فيه ورغم هجر أحمد له، فتثني- أو تقبل- الثناء عليه، وعلى من كانت حاله كحال داود من السلف والخلف وعندئذ يسقط دليلك، بل بحثك، بل سلسلتك، بل أصلك ومنهجك هذا!!
7- أين أنت من حمل مجمل كلام داود على مفصله يا( شيخ السلفية الهمام)؟!
فإما أن تلتزم بحمل المجمل على المفصل مطلقًا؛ فتعتذر لداود وتخطيء الإمام أحمد في هجره إياه، لاسيما وهو يتبرَّأ مما نسب إليه – أي داود – ويقول: إنهم يكذبون عليّ!
وإما أن تخالف حمل المجمل على المُفَصَّل فتلتمس للشيخ (ربيعٍ) مخرجًا!!
وإما أن تفصل وتقول:
         حمل المجمل على المفصل حقٌ في ذاته، وداود لم يتمحّض خطؤه، وإنما تكلم بكلامٍ مجملٍ محتمِلٍ في زمنِ فتنةٍ، فأحمد – رحمه الله – أصاب في هجره سدًّا للذريعة، ولما انتهت الفتنة عاد ثناء الأئمة عليه، وفيهم شيخ الإسلام الذي قلت فيه في أول بحثك: (....مستعينًا في ذلك بكلام شيخ الإسلام وعلم الأعلام ابن تيمية...) فلعلك  نسيت.
وإذا فصَّلت على هذا النحو فقد أصبتَ، وسقط الأصل!!
قال شيخ الإسلام-رحمه الله-:
         (فإذا رأيت إمامًا قد غلظ على قائلٍ مقالته أو كفَّره فيها فلا يُعتبر هذا حكمًا عامًّا في كل من قالها). مجموع الفتاوى (6/61) نقلاً عن "قواعد في معرفة البدعة وضوابط التبديع للشيخ ص 10 !
وإذ ذلك كذلك فأنت مخير بين الثلاثة فاستعن بالله ولا تعجل، وفقك الله!
8- ثم رأيت قولك في رسالتك في الرد على المفترين ص 20: [فليسا – يعني النووي وابن حجر – بأكبر من داود بن علي... من أهل السنة المحضة ... فقد بدَّعه الإمام أحمد لقوله: "محدث"].أ.هـ. باختصار وتصرف يسير ص 20.
قلت: أين هذا التبديع؟ دلنا عليه وعلمنا مما علمك الله، وإذا كان ثمة نص من الإمام أحمد على تبديع داود فكيف أغفلته في رسالتك؟!
والذي كان من الإمام أحمد – رحمه الله – إنما هو "الهجر"، وهذا ليس بلازم للتبديع كما تعلم.
9- وطالما أننا تكلمنا عن "المجمل والمفصّل" لا سيما وأنك ذكرتها كواحدة من مسألتين فحسب رددتَ فيهما على ربيع (2) فقد بدا لي من خلال قراءتي لبحثك في المجمل والمفصل وردك على الشيخ ربيع – ونحن لا ننكر مشروعية الرد أصلاً كما توهم الطلاب بذلك – ولكن ظهر لي ما يأتي:
         أنك لم تفهم مقصود من تكلم في هذه المسألة وعلى وجه الخصوص الشيخ ربيع الذي قمت بالرد عليه، كما لم يفهمه المأربي، فتحرير موضع النزاع هو قطب الرحى وأصل الأصول في البحث العلمي، والذي ذكرته في بحثك المجمل والمفصل كما هو في اصطلاح علماء أصول الفقه! وهذا لم ينكره ربيع أصلاً!
وإنما قصد "هل يجب حمل كلام المخطئ في موضع على موضع آخر أصاب فيه الحق في نفس المسألة" وبالتالي فلا ينبغي أن ينسب له هذا الخطأ فضلاً عن أن يرد عليه؟"
هذا الذي أنكره الشيخ ربيع، وقوله الصواب بلا ريب وهذا ما تدين الله به أنت!!
أما أن يكون هناك كلام مجمل غير مفهوم وغير واضح ويحتمل معانٍ وليس في السياق ما يرجح شيئًا من الاحتمالات فهذا لابد من فهمه في ضوء منهج الرجل وعقيدته وسيرته والمواضع الأخرى من كلامه وهذا قول ربيع في رده على المأربي الذي تذرع بذلك إلى الدفاع عن سيد قطب وغيره من المبتدعة فنفى عنهم ما صرحوا به بهذه القاعدة فراجع رسالة الشيخ ربيع "إبطال مزاعم أبي الحسن المأربي حول المجمل والمفصل" ص 101، من مجموع ردوده على أبي الحسن المأربي.
                                                                         والله أعلم.
10-    هذا ما بدا لي وأنا أقبل النصيحة ممن جاء بها وأرجع عن الخطأ إن كنت أسأت الفهم وليراجع القارئ الكريم الرسالة المومى إليها.
الوقفة الثانية عشرة
المنزلة بين المنزلتين
قوله: [يلزمكم القول بالمنزلة بين المنزلتين والإنسان لا يكون إلا سُنِّيًّا أو مبتدعًا كما قرر ربيع والجابري فلا يوجد قط سلفي مرجئ أو سلفي أشعري]. ص 18.
والجواب عن هذا الإلزام والانفكاك عنه يكون كالتالي:
1- هذا المصطلح وهو "المنزلة بين المنزلتين" إنما ذُكِر في باب التكفير لا في باب التبديع وهما بابان مختلفان فلا يصح القياس ولا الإلحاق.
2-    وإذا كان الأمر كذلك وأنه في باب الكفر والإيمان فيلزمك مثله في المسلم المواقع للكبائر فليس هو بمؤمن كامل الإيمان وليس هو بكافر وإنما هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وهو المسمى "بالفاسق المليّ" فإذا كان المقصود بالمنزلة بين المنزلتين هو هذا فلا حرج فلازم الحق حق ولا مشاحة في الاصطلاح ونحن نلتزمه في باب التبديع كما التزمتَه في باب التكفير بغير غضاضة فدع عنك الإرهاب.
3- أصل الضلال في هذه المسألة قد أتى من استعمال الألفاظ المجملة والعبارات المحتملة، فـ "المنزلة بين المنزلتين" قد يُراد بها ما قالت به المعتزلة فيمن ارتكب كبيرة فنفوا عنه الإيمان لارتكابه الكبيرة ولم يدخلوه في الكفر كما أدخلته الخوارج وأما في الآخرة فهو مخلد في النار فهذا معناه الاصطلاحي وقد يُراد به المعنى اللغوي وهو ما يشبه قولَه – تعالى –: (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) [التوبة: 102].
فالمؤمن العاصي في منزلة بين المؤمن الكامل الإيمان، والكافر، فهو في منزلة بين المنزلتَين بهذا الاعتبار.
وكذلك السني الذي وقع في بدعة خفية أو عُمِّيت عليه واشتبهت عليه مع قصده للحق وطلبه له فهو في منزلة بين السني المحض والمبتدع الصِّرف، مع الأخذ في الاعتبار القرائن من الزمان والمكان وغير ذلك مما يؤدي إلى خفاء البدعة أو ظهورها. والله أعلم.
4- بقي أن نقول: نحن نتفق على أن السني الذي وقع في بدعة ظاهرة جلية بغير عذر معتبر فهذا يُلحَق بأهل البدع لأنه وافقهم في أصل من أصولهم.
وكذلك السني الذي وقع في بدعة خفية ولم تقم عليه الحجة أنه باقٍ على سنيته وسلفيته فإخراج الرجل من السنة شديد.
وكذلك النظر في سني وقع في بدعة (بين الخفاء والظهور) أو اختلفت فيها أنظار العلماء ظهورًا وخفاءً، مع قولك: [علمًا بان الظهور والخفاء أمر نسبي يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة فالنظر إلى الواقع من الأهمية بمكان]. ضوابط التبديع ص9.
فما قولك في هذا الرجل؟
أسني هو؟ أم مبتدع هو؟ أم في منزلة بين المنزلتين هو؟
فما كان جوابك عن هذا فهو عين جوابنا عن ذاك، والله الموفق.
5- كيف تستدل بالشيخ ربيع وهو مبتدع عندك؟
6-    فإن قلت: لا أبدعه!
قلنا: وكيف لا تبدعه وهو – عندك – قد وقع في بدعة ظاهرة جلية وخالف أهل السنة في أصل من أصولهم ووافق المرجئة في أصل من أصولهم بل وحارب أهل السنة المحضة ورماهم بالحدادية – فهذا توصيفك لحال الرجل –؟
فإما أنك تبدعه فيلزمك-والحالة هذه- عدم الاحتجاج بقوله! وإما أنك لا تبدعه وتكتفي بالتخطئة والرد عليه وبيان الحق في المسألة سائلاً الله له الرجوع للحق رجوعًا جميلاً ؛لأن قوله اضطرب فيها فتارة يقول: تارك أعمال الجوارح بالكلية لا يشك مسلم في كفره،
 وتارة يقول: في المسألة قولان للسلف،
 وتارة يقول: الأعمال شرط كمال،
 فالرجل اضطرب في المسألة وعُميت عليه واغترَّ مع ذلك بكلامٍ اشتبه عليه لشيخ الإسلام ولابن رجب-رحمهما الله- وهذه حال من لم يُحكِم المسألة ولم يتمحَّض قوله فيها فيكفيك التحذير من خطئه مع حفظ مكانته من السنة، لا سيما وهو يعُدُّ "الإرجاء"من البدع الظاهرة كما تعلم وكما نقلت عنه، فاتق الله في أمة محمد–صلى الله عليه وسلم –.
فإن قلت: إنما أذكر قوله من باب الإلزام لكم لأنه-عندكم- عالم مجتهد وليس بمبتدع مرجئ! فأنا لا أذكره استشهاداً ولكن إلزاماً.
قلنا:
           ليس هذا بلازم لنا؛ لأننا لا نقلده في كل ما يقول، بل نقبل من قوله ما أيده الدليل ونرد ما خالف الحق، ولسنا كأناسٍ(!)هم عيالٌ عليه في جُلِّ مسائل المنهج إن لم نقل كلها، وكتبهم ورسائلهم لو حُذِف منها النقول عن ربيع لاضمحلّت وتقلصت ثم هم يطعنون فيه طعنا صريحًا حتى أخرجوه من السنة وألحقوه بأهل البدع وتقلّدوا ذلك حتى صار شغلهم الشاغل في كل مناسبة بل ومن غير مناسبة؟ فمن المقلد للربيع حقًّا؟ أنحن أم هو؟
 (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) !
ولسنا – أيضًا – ممن يقول: (كلام ربيع كله حق)، (وربيع معصوم في المنهج). ص29.
فلا ترمِنا بداء غيرنا، وبما نحن منه براء !
7- بل أقول: كلام الشيخين ربيع والجابري – وفقهما الله –في المنزلة بين المنزلتين له وجه حسن ألا وهو:
           أن السنة المحضة والبدعة المحضة لا يجتمعان في رجل واحد لأنهما نقيضان، وكذلك يلحق به من وافق أهل البدع في أصل من أصولهم.
فلا يُقال والحالة هذه: سلفي أشعري، ولا سلفي مرجئ، كما لا يُقال: الديمقراطية الإسلامية، لأنها تساوي الكفر الإسلامي؟ فهذا وجه كلامهما.
فإن قيل: ما الدليل على هذا التوجيه لكلامهما؟
قلنا: موقفهما من ابن حجر والنووي فتأمل هداك المليك! والله الموفق.
الوقفة الثالثة عشرة
قولك: [على منهجكم لا يوجد مبتدع قط إلا أمثال الجهم والجعد أما الباقلاني وابن الجوزي والجويني والغزالي فليسوا عندكم من أهل البدع؟].
الجواب:
1- قولك: [على منهجكم] خطأ. فليس لنا منهج مخالف لمنهج السلف، ونحن لم نبلغ رتبة الاجتهاد كأقوام يُؤَصِّلون ويقَعِّدون ويخالفون جميع أكابر علماء العصر ويأتون بما لم تستطعه الأكابر كقوله:
-   كلام المعاصرين اليوم في النووي وابن حجر لا يمت للمنهج السلفي بصلة. ص 18.
-   المشكلة أنكم لم تعرفوا السلفية إلا من المعاصرين فما قالوه قلتم به، وما سكتوا عنه سكتم عنه. ص 16.
-   من أعطى علماء الدعوة حق التصرف في تراث الأمة. ص 23.
-   كما أن المصلحة المدعاة دخيلة على منهج السلف. ص 33.
-   أطبق المتأخرون من لدن ابن تيمية بل وقبله إلى يومنا هذا على أنه إمام جليل. ص 18.
-   ها أنت ترى كيف أن المتأخرين تواطئوا على إخفاء تبديع أئمة السلف لأبي حنيفة...وكتموه ...خيانة عظمى وجناية كبرى ص 21.
فنحن – بحمد الله – كما وصفتنا وأنطقك الله بالحق فقلت: "لم تعرفوا السلفية إلا من المعاصرين فما قالوه قلتم به وما سكتوا عنه سكتم عنه".
إذا محاسني اللائي أدل بها           عدت عيوبًا فقل لي كيف أعتذر؟!
ورُبَ شكاةٍ ظاهرٌ عنك عارُها!
2- وأما ما تدّعيه من أنك تستسقي من المعين الأصفى والنبع الأسمى فدعوى عريضة! فقد يزل فهمك في فهم مراد السلف ومواقفهم فتؤصِّل أصلاً بناءً على فهمك أنت وتخالف جميع أكابر أهل العلم من أئمة السلفيين من شيخ الإسلام بل وقبله إلى شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب بل وبعده، كما مضى مثال على ذلك في قصة البخاري والذهلي – رحمهما الله – فأي الفهمين أسدُّ إن كنتم صادقين؟!
وأي الحزبين أولى بالاتباع إن كنتم من السلفيين؟!
الزم غرزهم تسلم، وأحسن الظن بهم ولا تتقدم عليهم تغنم.
                                                                       والله الموفق.
3- ومع ذلك فنحن براء مما رميتنا به في أسلوب الحصر والقصر في قولك: [لم تعرفوا السلفية إلا ...].
بل نحن – والفضل من الله – لا نقتصر على هؤلاء المبارَكين في تلقي العلم والفهم لكلام أسلافنا بل نقبل على كتب السلف مستضيئين بفهم علمائنا المعاصرين، ولا نلج كتب السلف الأقدمين منفردين بعقولنا، مزكين لأنفسنا مناطحين لعلمائنا -  فنجمع بين الحسنيين.
وكذلك كنتَ أنت من قبل، قبل أن تبلغ رتبة الاجتهاد! ألستَ القائل: لأنكم مقلدة؟!
4- قولك: [لا يوجد مبتدع قط إلا أمثال الجهم والجعد] خطأ محض وإلزام غير لازم لنا أصلاً.
5- قولك: [أما الباقلاني وابن الجوزي والجويني والغزالي فليسوا عندكم من أهل البدع؟!]
الجواب:
‌أ-      لا يلزمنا ذلك.
‌ب-  من بدّعه العلماء بدّعناه، ولم لا يبدِّعوه فلا نبدعه.
‌ج-   نحن نُفَرِّق بين التبديع وبين إشهاره ونشره فالأخير يخضع للقدرة والضعف ويدخل فيه مراعاة الزمان والمكان لأنه نوع من الجهاد وإذا كان الجهاد الذي هو الأصل يخضع للقوة والضعف والقدرة والعجز والقلة والكثرة والمصالح والمفاسد فكيف بالفرع؟
وإذا كان "الهجر الشرعي لأهل البدع" أقل ما يمكن فعله تجاه المبتدعة فضلاً عن نشر الكتب المحاربة الرءوس أهل الأهواء ومع ذلك فقد قال العلماء في الهجر ما قالوا ومن ذلك كلام شيخ الإسلام  - رحمه الله - :
 (وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم... فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشـر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر...
هذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة والمهادنة تارة وأخذ الجزية تارة كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح. وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع كما كثر القدر في البصرة والتنجيم بخراسان والتشيع بالكوفة وبين ما ليس كذلك ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه). مجموع الفتاوى 28/206 وما بعدها.
وقال-رحمه الله-أيضاً:          (فصل:
 في مسائل إسحاق بن منصور - وذكره الخلال في " كتاب السنة " في باب مجانبة من قال: القرآن مخلوق - عن إسحاق أنه قال لأبي عبد الله: من قال: القرآن مخلوق؟ قال: ألحق به كل بلية. قلت: فيظهر العداوة لهم أم يداريهم؟ قال: أهل خراسان لا يقوون بهم. وهذا الجواب منه مع قوله في القدرية: لو تركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ومع ما كان يعاملهم به في المحنة: من الدفع بالتي هي أحسن ومخاطبتهم بالحجج يفسر ما في كلامه وأفعاله من هجرهم)     السابق[28/210].
وقال أيضًا:      (فلهذا اختلف حكم الشرع في نوعي الهجرتين: بين القادر والعاجز وبين قلة نوع الظالم المبتدع وكثرته وقوته وضعفه كما يختلف الحكم بذلك في سائر أنواع الظلم).                                                                                                           السابق[28/212].
وقال أيضًا:      (فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأمورا بها كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية. فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي. وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم. فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب: كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرا من العكس. ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل. وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسئول حاله أو خرج خطابا لمعين قد علم حاله فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يثبت حكمها في نظيرها.
 فإن أقواما جعلوا ذلك عاما فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به فلا يجب ولا يستحب وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات. وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية؛ بل تركوها ترك المعرض؛ لا ترك المنتهي الكاره أو وقعوا فيها وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره ولا ينهون عنها غيرهم ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابا أو استحبابا فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه وذلك فعل ما نهوا عنه وترك ما أمروا به. فهذا هذا. ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه. والله سبحانه أعلم.].              السابق[28/212-213].
قلت:    فليتك تنتفع بكلام شيخ الإسلام هذا في دعوتك إلى الله  -عز وجل –، وعليه تحمل ما صنعه أئمة الدعوة فيما يتعلق بكتاب السنة لعبد الله بن أحمد، فإن كنت تخالف شيخ الإسلام في هذا التقرير فلتُبْدِ لنا الحق بدليله ولتُجِب عن كلام شيخ الإسلام هذا بدلا من أن تقول: [من أعطى علماء الدعوة حق التصرف في تراث الأمة] ص23. وتقول: (كما أن المصلحة المدعاة دخيلة على منهج السلف]. ص33.
ثم تناقض فقال: [وإلا فإنني لم أصرح بتبديعه – أي الشيخ ربيع – ولا يلزمني ... والعالم قد يُبَدِع أو يكفر من يرى أنه يستحق ذلك ولا يصرح لعدم المصلحة أو لوجود مفسدة!!
وقد يخص بالتصريح أناسًا دون آخرين على حسب ما يراه وهذا كله واقع ومعلوم ويشهد له حديث معاذ قد بوّب له: باب من خص بالعلم قومًا دون آخرين وعمل السلف(!!!)
 ألا فليخسأ المتعالمون]. ا.هـ. ص42.
قلت:    نعم، وليخسأ معهم المتناقضون والمتلونون! الذين إذا كانت المصلحة في صفهم فهي من منهج السلف وأمرها واقع ومعلوم وعليه أدلة!! وإذا استعملها شيوخ الإسلام في زمنهم وهم أدرى بحالهم لكنها لم توافق هواك فهي دخيلة على منهج السلف، ومَن الذي أعطاهم حق التصرف في تراث الأمة؟
أحرام على بلابله الدوح             .................؟!
ثم رأيته قد تناقض مرة ثالثة فقال:
[وعدم إظهار الطعن في شخص ما من أجل مصلحة الدعوة ومراعاة أحوال الناس شيء – هذا على سبيل التنـزُّل – .....إلخ] ص21.
كل هذا مبني على رؤية النفس والإعجاب بالرأي وعدم قدر الأئمة قدرهم وعدم التماس المعاذير لهم فرارًا من الجَرْح لئلاَّ يقال: (استخدم معهم منهج الموازنات)!! فكان ماذا؟
طعنت فيهم وخوّنتهم واتهمتهم بالجناية على تراث الأمة ولم ترقب فيهم إلا ولا ذمة! وتناقضت تناقضًا عجيبًا يضحك الثكلى.-هداك الله-.
ألا يسعك أن تعقل ما نقلتَه عن الشيخ صالح – حفظه الله – من أن ذلك كان سياسة (3)؟!
ومعنى ذلك أنه منعهم من طبع الكتاب كاملاً ما يمنع المرء من قول الحق كاملاً إما لقوة الباطل أو لضعف أهل الحق أو لوجود مفسدة أكبر من المصلحة مع أمن التشويه لمنهج السلف وتراث الأمة فقد علم الجميع ما عند أبي حنيفة من الباطل من كتب العقائد الأخرى، فهل ترى أن شيخ الإسلام – رحمه الله – لم ينقد أبا حنيفة وأصحابه؟
ألم تنقل أنت عنه النقولات الكثيرة الطويلة والقصيرة في ذمه للمرجئة عمومًا ومرجئة الفقهاء خصوصًا؟
ألم تُطبَع بقية كتب السلف والعقيدة وفيها ذم السلف لأبي حنيفة؟
فهل أخفاها أيضًا هؤلاء وكتموها؟
فأين الخيانة العظمى والجناية الكبرى إذن؟
ثم أليس من أعجب العجب أن تتباكى بعد ذلك على حرمة صاحب الكتاب ص 21.
فإن قلت: كيف يُتَصوّر الضعف وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة كانت لهم الدولة؟
قلت: إن هذا قد يقع، فَهُمْ أهل ذلك الزمان وأدرى منك ومن غيرك بما فيه، فكيف تفتات عليهم وتفتي في زمنهم وتطعن في حكمتهم قائلاً بنبرة المتعالي المتعالم:
 لا شك أن هذا الفعل ليس من الحكمة في شيء فضلاً عن أن ينسب للشريعة!!!،
 ولم تدرك ذلك الواقع ولا القرائن ولا الملابسات التي عاشوها ولم تدرك حجم المفاسد التي من أجلها فعلوا ما فعلوا فالهُ عنهم وانشغل بما أنت فيه (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [البقرة: 134، 141].
ألم يقع ما يشبه ذلك لسيد البشر والدولة له في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم – عليه السلام – فالأمر ليس ببعيد.
لكن شهوة الإسقاط وحب الظهور جعلك تطعن في هؤلاء الأئمة طعنًا صريحًا وتخونهم، بل وتنشر ذلك على طلابك وتربيهم عليه لتصفو لك الإمامة!! فالله حسيبك.
ثم علمتُ من بعض الإخوة أن الشيخ أجاب في درسه عن عمل الأئمة فيما يتعلق بأبي حنيفة وأن ذلك كان سياسة بجواب نحو جوابي هذا أو قريبًا منه؛ فقلت: سبحان الله!
في الرسالة طعن واضح: خيانة عظمى وجناية كبرى تواطؤ على الكتمان وتواطؤ على نشر الباطل ونحو هذه العبارات وفي الدرس التماس المعاذير وبيان معنى الفتوى "سياسة"، فهل رجع الشيخ عما في رسالته؟ وهل كل من قرأ الرسالة حضر الدرس؟ ألا ينتفع بالشيخ إلا من لازمه درسًا درسًا، ولحظةً لحظة، لتفصيل مجمله، وتفسير مؤوله؟
وهل الأمر –أصلاً – من قبيل المجمل والمفصل أم من قبيل الحق والباطل؟ فاللهم هداك.
يا هذا أحوجك إلى ضبط عباراتك وملاحظة ما يخرج من رأسك ويجري من قلمك، ما أحوجك إلى انتقاء ألفاظك العلمية في دروسك ومجالسك حتى لا تُضل الناس من حيث تريد هدايتهم!
وإذا كنتَ تتهمنا ونحن أعرف الناس بك وألصقهم بك وبالدعوة ومع ذلك تتهمنا بأننا لم نفهمك، فما عسى أن يفهمَ غيرُنا؟
ألا يستدعي ذلك منك أن تراجع نفسك، وتعلم أن الأمر أخطر مما تظن.
صديقك لا يثني عليك بمَرةٍ               فماذا تُرى عنك العدو يقولُ؟
ولعل السبب في ذلك أن الشيخ-عفا الله عنه- يتفانى في الموضوع الذي يتكلم فيه، ويتوجه إليه بكل قوته وعقله، فربما خانته العبارة فذكر ما يضره أو يضر طلابه في أبواب أخرى وهو لا يشعر! فيبقى الطالب عنده حائرًا متبلبلاً- وإن لم يُظهِر ذلك – خاصةً وأنه أحيانًا ينهر السائل أو يحرجه – بدعوى أن ذلك من منهج السلف !- فلا الطالب أزيلت عنه الشبهة بحلم وتؤدة، ولا هو عوفي منها ابتداءً، لكنه يجد عند الشيخ فوائد علمية أخرى كثيرة فيقف الطالب بعدها متأملاً موازنًا بين الفوائد والغصص، والمعلومات التي استفادها والشبهات التي انقدحت في قلبه،قائلاً: هل أعود؟
6- أعود إلى ما كنت بصدده من اضطراب الشيخ في اعتبار المصلحة، وجحودها والإنكار على من راعاها، فأقول: هذه الورطة التي أوقعتَ نفسَك فيها وهي التناقض سأخرجك منها -بإذن الله:
لعلك تقصد بالمصلحة الدخيلة على منهج السف تلك المصلحة الموهومة التي يتشدق بها الحزبيون تحت ستار "مصلحة الدعوة" وما هي إلا مصلحة الحزب والجماعة والرموز والأشخاص.
ولعلك تقصد بالمصلحة التي هي من منهج السلف المصلحة الحقيقية التي يترتب على تفويتها مفاسد حقيقية وأضرار حقيقية يقدرها أهل العلم.
لعلي وفقت لإخراجك من هذه الورطة.
لكن بقي أن يُقال:
أ‌-    هل علماء الدعوة وشيوخ الإسلام استعملوا المصلحة بمعناها الحزبي المذموم حتى تشن عليهم الغارة؟!
ب‌-  مما لمسته أنا بنفسي أنك على أرض الواقع تضطرب في هذا التفريق جدًّا فتارة ترفض مراعاة المصلحة الحقيقية التي يترتب على تفويتها مفاسد حقيقية بدعوى أنها مصطلح حزبي.
وتارة -وعلى استحياء وإذا كان لك فيها حاجة -استعملتها:
فالأول: أدى إلى المتاعب الحقيقية والمفاسد الواقعية التي تلاقيها الدعوة ويتجشمها إخوانك بسبب أفعالك وانفعالاتك وتصرفاتك ومواقفك.
والثاني: ألجم ألسنتنا عن الرد عليك بدعوى أنك تقول بها ولا تنكرها ومن زعم أنك تنكرها فهو مفترٍ كذاب.
وهذا انفصام لا أجد له حلاًّ أصلحنا الله وإياك.

الوقفة الرابعة عشرة
قوله: [والعجيب أنكم تبدعون طائفة كبيرة من أهل السنة]. ص 19.
الجواب:
1- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: (من قال في مسلم ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال).رواه أحمد وصححه الألباني في الإرواء7/349
2- ألا سميت لنا هذه الطائفة الكبيرة!!
3- لعلك تقصد فالحًا والحداد والحجي ،فنحيط فضيلتك علمًا بأن تبديع هؤلاء أو عدم تبديعهم ليس من مسائل الولاء والبراء وليس معنى أننا سألناك عنهم أننا نعقد الولاء والبراء على ذلك كما فهمت، فقد يكون للسؤال أغراض أخرى كما سيأتي في رقم 7.
4- وعلى كل حال فقد جعلت أنت عدم تبديعهم مسألة ولاء وبراء! والدليل على ذلك أنك حزّبت طلابك لئلا يحضروا لنا درسًا فمَن جاءنا لم يأتك، ومن أتاك فلا يشهد لنا، فلِمَ كل ذلك؟ هل لأننا سألناك هل تبدع هؤلاء؟ أم لبقية الأسئلة؟ أم لغير ذلك؟
5- لعلك تعلم أن كثيرًا من أهل العلم لم يبدعوا هؤلاء ولم يحدثوا فتنةً لطلابهم أما أنت فأسَأْت السيرة مع طلابك ولم تسلك مسالك العلماء.
6- مما يوقعك في التهمة أنك لما عاديت ربيعًا عداوة بالغة فاقت الحدود صرت تقترب أكثر وأكثر من أعدائه فسلكت مسلك "عدو عدوي حبيبي" وإن لم تشعر، فصار أمرك عندنا مُريبًا يحتاج لاستفسار وأناة لنميز بين ما أدى إليه التحقيق العلمي و الدليل الشرعي مما حمل عليه العداوة والتحامل الشخصي، فسألناك فأوسعتنا سبا وشتمًا ولم تنصفنا وألصقت بنا كل نقيصة، ولم تتق الله فينا (والحر من راعى وداد لحظة!) فالله حسيبك؟
وهذا ينسف قولك ص18: [تبديع من ذكرت لا يخرج المرء من السلفية فمن ثمّ الامتحان بهم والسؤال عنهم بدعة وجهالة].
الوقفة الخامسة عشرة
قولك: [أنتم تقولون: ليس كل من وقع في بدعة يبدع – هكذا بإطلاق -]. ص41.
قلت:
1- يبدو أنك لا تدرك الفارق بين العبارتين الآتيتين:
الأولى: كل من وقع في بدعة فليس بمبتدع.
الثانية: ليس كل من وقع في البدعة بمبتدع.
فالأولى: تفيد عموم النفي أي كل مسلم سني وقع في أي بدعة كانت فلا مجال لتبديعه بأي حال من الأحوال.
والثانية:تفيد نفي العموم، أي المنفي هو العموم فقط ويبقى الخصوص، والمعنى ليس كل من وقع في البدعة يكون مبتدعًا بل بعضهم يُبدَّع وبعضهم لا يبدع، وهو ما يسمى بنفي العموم لا عموم النفي، وهذا ما قصدناه أي المعنى الثاني والذي أرى أنك فهمت أننا نقول بالمعنى الأول وهذا خطأ منك، وإلا فما معنى "بإطلاق"!
2- بقي أن يُجاب عن "هل كل من وقع في البدعة يُبدَّع؟"
فجوابنا: هو التفصيل -كما سبق- فقد يقع السني في البدعة ولا يبدع، وقد يقع فيه ويبدع، وذلك بحسب الشخص الواقع فيها علمًا وجهلاً والبدعة نفسها خفاءً وظهورًا. وغير ذلك.
الوقفة السادسة عشرة
قولك: [فأقول: اللحم حرام نكاية فيه وبيانًا لحمقه وجهله..]. ص61.
الجواب:
         هذا المثال الذي ضربته يكشف عن عدم تورعك في سبيل إغاظة خصمك، والتنكيل به إذا أغضبك، والبطش به مهما أمكنك، وإلا فباب الحلال والحرام لا مدخل فيه لإغاظة الخصوم وزجرهم!!
 وأنت خبير بأن كثيرًا من أئمة السلف كانوا يتورّعون عن التصريح بالحرمة في الحرام المحض فيعدلون إلى "الكراهة" يقصدون كراهة التحريم، ولا يتجاسرون على التصريح به، وأمام أعينهم قوله – تعالى –: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [النحل: 116].
فإن قلت: إنما قصدت المثال لا الحقيقة.
قلت: من عرفك عرف أن هذه حقيقتك بلا نقاش، فأنت لا تنضبط في عباراتك–ربما- اعتمادًا على فهم الحاضرين كما تدعي فتُغرِب وتضرُّ المستمعين ضررًا بالغًا من حيث قصدت نفعهم، فضلاً عن أن هذه ليست طريقة السلف في التربية والتعليم المستفادة، من قوله – تعالى –: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) [آل عمران: 79]. والرباني هو الذي يبدأ بصغار العلم قبل كباره ويراعي أفهام الناس "فإنك لا تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"،و "حدثوا الناس بما يعرفون".
الوقفة السابعة عشرة
قوله: [فلم يتسع صدرك لي كما اتسع لابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم ممن أفتوا بجواز المشاركة في الانتخابات]. ص9.
الجواب:
         لابد أن ننتبه هنا إلى أن الشيخ في هذه المرحلة صار قِرْنا لأئمة السلفيين إن لم يفُقْهُم!! فها هو ذا يتعجب من الجهلة الذين يلتمسون المعاذير لأئمة الزمان ولا يعاملونه بنفس المعاملة! وفي موضع آخر يقول:
         [فتعالى لنعقد مقارنة بيني وبين مقبل فإن كانت أخطائي لا ترقى لأخطائه لزمه أن يفارقه ويواليني]. بل ويعلو حتى يطالب بأن يُعامل بما عامل به السلف شعبة! فإلى الله المشتكى. {اللهم اجعلني في عيني صغيرًا، وفي أعين الناس كبيرًا}.وفي هذا القدر كفاية، فلو ذهبت أستقصي الوقفات مع هذه الرسالة السيئة لأعياني ذلك، واللبيب تكفيه الإشارة.
والله من وراء القصد،     
،وكتبه
 أبو طارق/
محمود محفوظ.

عفا الله عنه وأهله.

============================
رابط تحميل الملف 

=========================

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق