حلف الفضول والأحزاب الإسلامية المعاصرة



(( حلف الفضول والأحزاب الإسلامية المعاصرة ))

((ملف أحداث مصر))


 ملف صوتي [http://d.top4top.net/m_3011zq5b1.mp3] .. 

فضيلة الشيخ /أبوطارق محمود بن محفوظ ..



=================
(( التفريغ ))

- - - - 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه،
وبعد،،
فعادة أهل الأهواء قديمًا وحديثًا أنهم يعتقدون أولاً ثم يستدلون، ويقررون ابتداءً ما يتماشى مع أهوائهم ثم يبحثون عن الأدلة التي تبرر ما اعتقدوا سلفًا، ولو بليِّ أعناق النصوص، وتأويلها عن ظاهرها تأويلاً بعيدًا مكشوفًا.

فبعد أن نفَّر أدعياءُ السلفية من التحزب والأحزاب بُرهة من الزمن، ونقدوا جماعة الإخوان في تحزبهم وتعصبهم وما آل إليه أمرهم جرَّاء هذا التحزب من عقد ألوية الولاء والبراء حوله، وتحريف الكتاب المنزل لأجل نصرة الحزب وحماية رموزه، والانغلاق في فكر قادة الجماعة، وضيق الأفق الشرعي في حدود كتب الإخوان ومفكريهم ومرشديهم.
ولم يلبث هؤلاء – الأدعياء للسلفية – إلا قليلاً بعد أن غشيتهم الفتن المضلة فيما عُرف "بالثورة" التي أطاحت بحاكم البلاد، وظنّ كثير من الناس أن الحرية قد تحققت وزمن الطاغوت قد ولّى وتحدث الناس عن حرية الأحزاب، وحرية المشاركة في العمل السياسي، فهرع هؤلاء المخذولون إلى تلك الأبواب التي كفّروا أصحابها من قبل وضللوا كل من انضوى تحت سقفها، ووجدوا أنفسهم مضطرين (!) للانضواء تحت حزب سياسي أو حزب ديني وتجميع الناس تحت لوائه والعمل تحت رايته ورغبوا الشباب في سرعة الانضمام إليهم قائلين: "إلى الهدى ائتنا"!.
وحسبوا أن هذا العمل هو الذي سيعيد للإسلام عزَّهُ، وللقرآن مجده، وللشريعة حكمها.
ولا شك أنه حلم جميل ساذج!
لكنه في النهاية حلم!
أمانيُ كالأحلام زخـرفهـا الكـرَى وقلّ على الأيام أن يصدق الحلمُ
سمعنا كلامًا لذَّ في السمع وقعُه ورُبَّ لذيذٍ شـاب لذتَـه الســـمُّ
وربما ظن بعض البسطاء من الناس أو الحدثاء من طلبة العلم أن هذا من قبيل تغيير الاجتهاد واتباع الدليل والدوران مع الحق حيث دار!
وهذا تصور خاطيء، فإن الأدلة هي الأدلة والأصول هي الأصول وقد دَرَسوها قبل ذلك ودرّسوها لطلابهم أو بعضها، وردوا على نفس هاتيك الشبهات، ردوها على الإخوان في تحزبهم وعملهم السياسي وفندوها تفنيدًا ثم هاهم اليوم يكررون نفس الشبهات بلا زيادة ويعيدونها بلا جديد ولا يحتاجون إلا أن يجمع جوابهم القديم أمام كل شبهة يذكرونها الآن ليردوا على أنفسهم ويُقال لهم: "كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا".
أقول هذا ولا أعني إطلاقًا أن القوم كانوا يومًا ما سلفيين على الجادة، كلا ثم كلا.
فما زالوا يتخبطون بين أصول قطبية ورواسب إخوانية وشقاشق سلفية، لكنني أعني ذلك الباب بعينه وهو "العمل الحزبي" لا سيما السياسي منه،
وقد واجههم أهل السنة من السلفيين الثابتين على جادة السلفية بفضل رب البرية، المتمسكين بأهداب منهج السلف، الذين لم يتلونوا مع من تلون، ولم يتقلبوا مع من تقلب (1)، ولم يركبوا الموجة مع من ركب (2).
جابهوهم بالأدلة الناصعة والبراهين الساطعة والحجج القاطعة على تحريم تفريق المسلمين شِيَعًا وأحزابًا من الكتاب والسنة وكلام السلف وعلماء الأمة، وما في جعبة هؤلاء إلا المتشابهات التي يستمسك بها أهل الزيغ والأهواء في كل زمان.
فقالوا: معنا حديث حلف الفضول الذي انعقد في الجاهلية فهو دليل على جواز إنشاء أحزاب إسلامية، فما هو حلف الفضول؟ وما قصته؟
فصل
حلف الفضول
ذكر ابن إسحاق حلف الفضول الذي كان في قريش قبل الإسلام وقد شهده رسول الله - - بنفسه قبل البعثة، وكان سنه إذ ذاك قريبًا من عشرين سنة وقد قال فيه بعد ذلك:
(لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت). رواه البيهقي في السنن (6/ 367)، وصححه الألباني في "تخريج فقه السيرة".

ومعنى (لأجبت): أي لنصرت المظلوم إذا دعا به.
وسببه:
أن رجلاً من زُبَيد – بلد باليمن – قدِم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي فمطله بها وغلبه عليها، فحمله ذلك على أن أشرف على جبل أبي قُبَيس حيث أخذت قريش مجالسها، ثم أنشأ يقول:
يـا آل فهـر لِمظــلـوم بضــاعتـه ببطـن مكـة نائـي الدار والنفـر
ومحرم أشعث لـم يقـض عمـرتـه أمسى يناشد بين الحِجْر والحَجَر
هل مخفر من بني سهم يقول لهم هل كــان فينا حلالاً مال معتمر
فقام الزبير بن عبد المطلب فقال: ما لهذا مترك. فاجتمعت بنو هاشم وبنو المطلب وبنو تيم بن مرة، وزهرة في دار عبد الله بن جدعان فصنع لهم طعامًا وتحالفوا في شهر حرام – وهو ذو القعدة – فتعاقدوا وتحالفوا بالله ليكونُنَّ يدًا واحدةً مع المظلوم حتى يُرَدَّ إليه حقُّه ما بل بحرٌ صوفةً ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه.
قال الزبير بن عبد المطلب:
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا ألا يقيم ببطـن مكـة ظالم
أمر عليه تعاقدوا وتـواثقــوا فالجارُ والمعترُّ (3) فيهم سالم
وخبره مشهود فمن شاء المزيد فليراجع كتب السير.
فإن قيل: روى الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني في الصحيحة (1900):
عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - - قال: (شهدت حلف المطيبين مع عمومتي - وأنا غلام - فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه).
وكذلك عن جبير بن مطعم بنحوه، كما في صحيح السيرة للألباني – رحمه الله –.
فهذا يدل على أن الحلف الذي شهده رسول الله - - مع عمومته هو حلف المطيبين، وما ذُكِر قبله يدل على أنه حلف الفضول، فما الجواب عن هذا الإشكال؟
قيل في الجواب عن ذلك: أنه لما حاول بنو عبد مناف إخراج السقاية واللواء من بني عبد الدار تحالفت بنو هاشم وبنو زهرة وبنو تيم في دار ابن جدعان على ذلك فبعثت إليهم أم حكيم بنت عبد المطلب بجفنة فيها طيب فغمسوا فيها أيديهم ثم ضربوا بها الكعبة فسموا بذلك "حلف المطيبين" وهذا الحلف لم يشهده رسول الله - -.
ولما قدم الزبيدي مكة وكان من أمره ما ذكر، اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب وأسد وزهرة وتيم وتعاقدوا على الانتصاف للمظلوم بمكة حتى يردوا إليه مظلمته فهذا الحلف هو الحلف الذي تحالفه المطيبون الذين عقدوا قبل ذلك الحلف الأول الذي لم يشهده رسول الله - - وشهد هذا الحلف الثاني الذي سمي أيضًا بحلف الفضول. والله أعلم.
سبب تسميته:
قيل لأنهم تحالفوا أن ترد الفضول إلى أهلها، وقيل: لأن الذين عقدوه منهم الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، فسمي حلف الفضول لذلك. والله أعلم.
فصل
فيما ورد في وفاء النبي - -
بهذا الحلف وثنائه عليه
من ذلك ما روي عنه أنه قال:
(لقد حضرت في دار ابن جدعان حلفًا لو دعيت إليه الآن لأجبت). أخبار مكة للأزرقي (2/257).
(لقد شهدت حلفا في الجاهلية في دار ابن جدعان لو دعيت إليه اليوم لأجبت رد الفضول إلى أهلها وألا يُقِرَّ ظالمٌ مظلومًا). أخبار مكة للفاكهي (2147).
(شهدت حلفًا في دار ابن جدعان: بني هاشم وزهرة وتيم ولو دُعِيت به في الإسلام لأجبت، وما أحب أن أخِيسَ به وإن لي حمر النعم) مشكل الآثار للطحاوي (5971).
(وما أحب أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم وأني أغدر به: هاشم وزهرة وتيم تحالفوا أن يكونوا مع المظلوم ما بل بحرُ صوفةً، ولو دعيت به لأجبت وهو حلف الفضول). الطبقات الكبرى لابن سعد (1/103).

فصل
لا حلف في الإسلام
وما أقره الإسلام من أحلاف الجاهلية
عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - -: (لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة). أخرجه مسلم (2530).
وعن قيس بن عاصم أنه سأل النبي - - عن الحلف فقال: (لا حلف في الإسلام).
صحيح ابن حبان (4369).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - -: (لا حلف في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة أو حدة). صحيح ابن حبان (4370).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: خطب رسول الله - - عام الفتح فقال: (يا أيها الناس، إنه لا حلف في الإسلام وما كنا من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، المؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم).
رواه أبو داود وحسنه الألباني في "المشكاة" (3496).
وعنه أيضًا: قال رسول الله - -: (أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا تحدثوا حلفًا في الإسلام).
رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وحسنه الألباني (1585).
وعن عبد الله بن عمرو قال رسول الله - -: (أوفوا بحلف الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا تحدثوا حلفًا في الإسلام).
رواه أحمد، وهو في صحيح الجامع (2553).

فصل
في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
وما كان من أحلاف في الإسلام ثم نسخت
قال – تعالى -: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) [النساء: 33].
قال ابن كثير – رحمه الله –: (فتأويل الكلام: ولكلكم أيها الناس جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له.
وقوله تعالى: والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم أي والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم، فآتوهم نصيبهم من الميراث كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة، إن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك وأمروا أن يوفوا لمن عاقدوا، ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة.
قال البخاري (2292): حدثنا الصلت بن محمد، حدثنا أبو أسامة عن إدريس، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ولكل جعلنا موالي قال: ورثة، والذين عقدت أيمانكم كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت ولكل جعلنا موالي نسخت، ثم قال والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم، قال ابن عباس: (فآتوهم نصيبهم) يعني: من النصرة والنصيحة والرفادة، ويوصى له وقد ذهب الميراث). باختصار من ابن كثير في تفسير الآية من سورة النساء.
قلت: وروى البخاري ومسلم عن عاصم قال: قلت لأنس – رضي الله عنه –: أبلغك عن رسول الله - - أن رسول الله - - قال: (لا حلف في الإسلام) فقال: وقد حالف النبي - - بين قريش والأنصار في داري.
قال أبو جعفر الطبري – رحمه الله –: (هذا أمر كان في أول الإسلام، كان رسول الله - - آخى بين المهاجرين والأنصار وكانوا يتوارثون بذلك العقد وكانت الجاهلية في جاهليتها تفعل ذلك فنسخ الله – تعالى ذكره – ذلك بقوله : (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) [الأنفال: 75]. أ.هـ. تهذيب الآثار. ثم ساق الآثار التي تدل على ذلك.

فصل
في الفوائد والأحكام المستنبطة
من الفصول السابقة
الأولى: أن الأحلاف التي تمت في الجاهلية سواء كانت بين فرد وفرد أو فرد وطائفة أو طائفة وطائفة، على الظلم والنصرة المطلقة في الحق والباطل هي غير داخلة في قوله - -: (وما كان من حلف في الجاهلية) لما علم من الدين بالضرورة أن النبي - - لا يقر على باطل أبدًا، فكيف يثني عليها، ويأمر بالوفاء بها؟!
بل جاء بضده من العدل والإنصاف، والرحمة والبر والإحسان، وإبطال ما عدا ذلك، ونقضه.
الثانية: أن الأحلاف التي تمت في الجاهلية على النصرة في الحق ورد المظالم لأهلها وانتصاف الضعيف من القوي ونحو ذلك من البر والإحسان فهي في الإسلام محل ثناء ووفاء ولم يزدها الإسلام إلا شدة وقوة كحلف الفضول ونحوه.
الثالثة: أن لأهل هذه الأحلاف التي أقرها الإسلام من أحلاف الجاهلية أن يستنصروا بها، ويستعينوا بأهلها، ويجب نصرتهم على كل من دخل في حلفهم لقوله - -: (ولو دعيت به اليوم لأجبت) أي: لنصرت من دعا به، وقال مثلاً: يا لحلف الفضول!
الرابعة: جواز الدعوة إليها والاستغاثة بأهلها – كما سبق – ولو في الإسلام، وأنه ليس من التعزي بعزاء الجاهلية الذي نهى عنه رسول الله - - في قوله : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا) [أحمد في مسنده (21234)] حيث كان الرجل يستنصر بقبيلته وقومه:
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم طاروا إليـه زرافـات ووحدانـا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
وقد جعل منه رسول الله - - التعصب المذموم الوارد في الصحيحين لما قال المهاجري: يا للمهاجرين!، وقال الأنصاري: يا للأنصار! فقال رسول الله - -: (دعوها فإنها منتنة).
وما ذكره الطبري في تفسيره بسنده لما تنادى الأوس والخزرج على السلاح وانضم الأوس بعضهم إلى بعض والخزرج كذلك فخرج عليهم فقال: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!).
الخامسة: أن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت نوعًا من التحالف يقوم على الأخوة والميراث ثم نُسِخ الميراث، وبقيت أخوة الإيمان والإسلام.
السادسة: لا يجوز إحداث حلف ولا تعاقد في الإسلام وكفى بعقد الإسلام وحلف الإيمان حلفًا يتساوى فيه جميع المسلمين؛ فلا يجوز أن يتحالف بعضهم دون بعض لما يترتب على ذلك من تمييز المتحالفين عن غيرهم من غير الحلفاء في الولاء والنصرة وغير ذلك، لذا قال - -: (لا حلف في الإسلام) وقال: (لا تحدثوا حلفا في الإسلام).
وكما هو معلوم أن كلمة "حلف" نكرة وقد جاءت في سياق النفي وكذلك النهي فتفيد العموم، ففيه رد على من ذهب إلى أن المقصود بالنهي ما كان كأحلاف الجاهلية فقط.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : (ولأن الله قد جعل المؤمنين إخوة بنص القرآن وقال النبي - -: (المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه، والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه) فمن كان قائمًا بواجب الإيمان كان أخًا لكل مؤمن ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه وإن لم يجري بينهما عقد خاص؛ فإن الله ورسوله قد عقدا الأخوة بينهما بقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10] وقال النبي - -: (وددت أني قد رأيت إخواني)، ومن لم يكن خارجًا عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك فيُحمد على حسناته ويُوالى عليها ويُنهى عن سيئاته ويُجانب عليها بحسب الإمكان، وقد قال النبي - -: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) قلت: يا رسول الله: أنصره مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: (تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه)...
....وإنما النزاع في مؤاخاة يكون مقصودهما بها التعاون على البر والتقوى بحيث تجمعهما طاعة الله وتفرقهما معصية الله كما يقولون: تجمعنا السنة وتفرقنا البدعة، فهذه التي فيها النزاع وأكثر العلماء لا يرونها استغناءً بالمؤاخاة الإيمانية التي عقدها الله ورسوله - -، فإن تلك كافية محصلة لكل خير، فينبغي أن يجتهد في تحقيق آراء واجباتها إذ قد أوجب الله للمؤمن على المؤمن من الحقوق ما هو فوق مطلوب النفوس. ومنهم من سَوَّغها على الوجه المشروع ...).أ.هـ. 35/ 96.
قلت: وشيخ الإسلام يتحدث عن المؤاخاة وما شابهها وهي بعيدة كل البعد عن طبيعة الأحزاب المعاصرة، وقد قال ما قال فكيف لو رأى الأحزاب المعاصرة وما جرته على أتباعها وعلى الأمة من البلاء المبين والشر المستطير؟!
وقال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير قوله – تعالى –: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ...) [النساء: 33]:
وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نُسِخ بعد ذلك وأمروا أن يوفوا لمن عاقدوا ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة. اهـ (2/ 203 التوفيقية)
قلت: وهذا القول الذي يمنع التحالف مطلقًا وهو قول جمهور العلماء (4) وهو الصواب قطعًا، ومما يؤيد ذلك من القرآن الكريم:
قوله – تعالى - : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153].
وقوله – تعالى –: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم: 31- 32].
وقوله – تعالى –: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10].
وقوله – تعالى –: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71].
وقوله – تعالى –: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام: 159].
وغير ذلك من الآيات الكريمة.
ومن السنة النبوية:
قوله - -: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) متفق عليه.
وقوله - -: (المسلم أخو المسلم). رواه مسلم.
وقوله - -: (المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم). رواه أبو داود. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة.
فيظهر أن عقد الإيمان والإسلام الذي عقده الله ورسوله - - هو الكافي لكل خير والمحقق لكل مصلحة فلا يجوز إحداث عقد آخر.
فالمسلمون جماعة واحدة لا جماعات، وحزب واحد لا أحزاب، وصراط واحد لا عشرات.
(أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة: 22]. والله أعلم.
فصل
في كشف تلبيس ووضع حديث
قال د/ محمد يسري، في "المشاركات السياسية المعاصرة" (ص 105):
(ومن الأهمية بمكان أن يتداعى أهل الإسلام إلى الاجتماع فيما بينهم على كلمة سواء وأن يلتقوا مع من عداهم على حلف سياسي أسوة بحلف الفضول والمطيبين ليتفقوا على نصرة المظلوم وردع الظالم وتحقيق الحرية للدعاة إلى الله وتوسيع رقعة العمل بالإسلام في البلاد وبين العباد، وقد قال - - عن هذه الأحلاف: (شهدت حلفًا في الجاهلية ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت) والحلف قريب المعنى من الحزب، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –: (وأما رأس الحزب فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أن تصير حزبًا))أ.هـ.
والجواب:نقول وبالله نستعين :
قال - -: (لا تكذبوا عليَّ فإنه من كذب علي فليلج النار). رواه البخاري.
وقال: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري.
وقال: (من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري ومسلم.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة متواترة.
وهذه اللفظة التي ذكرها الكاتب لا وجود لها في شيء من كتب السنة المسندة المطبوعة ولا المخطوطة بل نتحدى الحزبيين من الإنس والجن أن يأتوا بها في سند صحيح!!
-وهذا التنبيه لم أر من سبقني إليه فإن كان صواباً فمن الله وحده وإن كان خطأً فمني –
وأما الروايات المسندة الواردة في هذا الباب فهي كالآتي:
(ولو أدعى به في الإسلام لأجبت). السنن الكبرى للبيهقي
(ولو دعيت إليه اليوم في الإسلام لأجبت). تهذيب الآثار للطبري- الجزء المفقود.
(ولو دعيت به لأجبت). الطبقات الكبرى لابن سعد.
(ولو دعيت به في الإسلام لأجبت). مشكل الآثار للطحاوي.
(ولو دعيت به اليوم لأجبت). مسند البزار.
(ولو دعيت إليه الآن لأجبت). أخبار مكة للأزرقي.
(ولو دعيت إليه اليوم لأجبت). أخبار مكة للفاكهي.
والمعنى الأوحد لهذه الروايات الذي لا ينبغي أن يفهم غيره هو:
لو استنصر بهذا الحلف أحد لأجبته فورًا ونصرته ورددت إليه حقَّه بلا توان ولا تباطؤ.
فهذا معنى: (لو دعيت به) و (لو دعيت إليه) وليس المعنى: لو دعيت إلى إنشائه، وإحداثه وابتدائه، يعني إنشاء مثله في الإسلام.
لذا قال الطبري في نفس المرجع الذي أشار إليه الكاتب: (ونهى عن مثله في الإسلام استئنافه).
تهذيب الآثار – الجزء المفقود!!
وروايات الحديث الأخرى تؤكد نفس المعنى: فمثلاً رواية (ما أحب أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم، وأني أغدر به) الطبقات الكبرى، ورواية: (ما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم) السنن الكبرى للبيهقي. ولعل هذه القصة التي ذكرها الطبري تظهر المعنى أكثر وأكثر، قال-رحمه الله-:
(حدثنا به ابن حميد ، قال حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي ، عن محمد بن إبراهيم قال :كان بين الحسين بن علي ، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة ..... فقال له الحسين : أقسم بالله لتنصفن لي من حقي ، أو لآخذن سيفي ، ثم لأقومن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول ؟ فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال الحسين ما قال - : وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعاً . فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال : مثل ذلك . وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التيمي فقال مثل ذلك . فلما بلغ الوليد ابن عتبة أنصف حسيناً من حقه.
القول فيما في هذا الخبر من الفقه: والذي فيه من ذلك : الدليل على أن كل حلف كان عقد في الجاهلية قبل الإسلام ، أن على أهله الوفاء به ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحلف الذي شهده مع أعمامه من بني هاشم ، وبني المطلب قبل الإسلام : ما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه.
وذلك نظير الأخبار الواردة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة .) اهـ (السابق 1-22)
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (ومعنى (لأجبت) أي: لنصرت المظلوم إذا دعا به) (18/ 85)
قلت:
ولعل من استدل بهذا اللفظ المكذوب الموضوع بل الذي لا وجود له في شيء من كتب السنة المسندة كما مر لعله اغتر ببعض من وهم من أهل العلم(!) فروى الحديث من حفظه فأخطأ خطأ بيناً ،
أو لعله التبس عليه لفظ حديث آخر فيه هذه الجملة وهي : (ولو دعيت إلى مثله لأجبت)
لكن في غير هذا الباب، وفي غير هذا الموضوع أصلاً، وهو قوله - -: (لو أهدى إليَّ كُراع لقبلت، ولو دعيت إلى مثله لأجبت) رواه المعافى بن عمران الموصلي في كتابه "الزهد" باب فضل التواضع!!
والكُراع: من الشاة ما دون الكعب فهو شيء حقير ويسير لذا ذكر أهل العلم هذا الحديث في باب التواضع والهدية ونحو ذلك.
ونصيحتي للكاتب أن يُعْلِنَ البراءة فورًا من هذا اللفظ الموضوع وإلا فهو داخل في هذا الوعيد الشديد الذي قررته الأحاديث السابقة.
بل ويتحمل آثام من يروج لهذا من الشباب والدعاة اعتمادًا على بحث الكاتخاصة وأنه عزاه لمصادر حديثية معروفة، وهي البيهقي في السنن والطبري في تهذيب الآثار الجزء المفقود والطحاوي في شرح مشكل الآثار ! والأمر ما قد رأيت . والله تعالى أعلم .
فصل
في فتاوى أهل العلم
في عدم جواز الأحزاب
فصل
في فتاوى أهل العلم في عدم جواز الأحزاب

فتوى اللجنة الدائمة رقم (1674)
وهي إجابة عن سؤال نصه:
س1: ما حكم الإسلام في الأحزاب، وهل تجوز الأحزاب بالإسلام مثل حزب التحرير وحزب الإخوان المسلمين؟
ج1: لا يجوز أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعا وأحزابا يلعن بعضهم بعضا ويضرب بعضهم رقاب بعض، فإن هذا التفرق مما نهى الله عنه وذم من أحدثه أو تابع أهله وتوعد فاعليه بالعذاب العظيم، وقد تبرأ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه، قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} إلى قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الآيات [آل عمران: 103: 105]، وقال  تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ. مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ  عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[الأنعام: 159- 160].
وثبت عن النبي - - أنه قال «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» . والآيات والأحاديث في ذم التفرق في الدين كثيرة.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس نائب الرئيس عضو عضو
عبد العزيز عبد الرزاق بن عبد الله عبد الله
ابن عبد الله بن باز عفيفي ابن قعود ابن غديان
فتوى الإمام ابن باز – رحمه الله – تعالى –
سُئل: نرجو من سماحتكم توجيه نصيحة خاصة إلى الشباب الذين يتأثرون بالانتماءات الحزبية المسماة بالدينية؟
فأجاب: أما الانتماءات إلى الأحزاب المحدثة فالواجب تركها، وأن ينتمي الجميع إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن يتعاونوا في ذلك بصدق وإخلاص، وبذلك يكونون من حزب الله الذي قال الله فيه سبحانه في آخر سورة المجادلة: {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].
مجموع فتاوى ابن باز (7/176-177).
الإمام الألباني – رحمه الله تعالى –
قال في أحد أشرطة سلسلة الهدى والنور:
لا يجوز حينئذٍ للمسلم أن ينتمي إلى هذه الأحزاب أو إلى حزب من هذه الأحزاب أو جماعة من هذه الجماعات فعليه أن يعيش منفصلاً عنهم، وهذا لا يعني أن يعيش منطويًا على نفسه بعيدًا عن إخوانه وعن أمثاله الذين يشتركون معه في الحرص على اتباع الكتاب والسنة والسير معهما ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا...
وقال: الدعوة السلفية الآن تستغل لإقامة أحزاب باسم السلفية، والسلفية تبرأ من الحزبية لأن إيش معنى العمل بما كان عليه السلف الصالح؟ يعني العمل بالكتاب والسنة وعلى مفهوم السلف الصالح. هل كانت الحزبية يحياها علماء السلف؟
وقال أيضًا في نفس الشريط: أما إطلاق لفظ السلفية على حزب ما فأنا أراه كإطلاق لفظ الإسلام على بدعةٍ ما!
وقال أيضًا: الدعوة السلفية لا تعترف إطلاقًا على أي تحزب ولو قام به أكبر رجل عالم في الدعوة السلفية، مجرد ما يدعو إلى التحزب والتكتل معناه بدأ الانحراف عن الخط المستقيم.
إتحاف البرية وأقوال العلماء في صور المشاركة السياسية ص 38 – دار الاستقامة.
العلامة الفقيه
محمد صالح العثيمين – رحمه الله تعالى –
سُئِل: هل هناك نصوص في كتاب الله وسنة رسول في إباحة تعدد الجماعات الإسلامية؟
فأجاب – رحمه الله –: ليس في الكتاب ولا في السنة ما يبيح تعدد الجماعات والأحزاب بل في الكتاب والسنة ما يذم ذلك قال – تعالى - : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام: 159].
وقال – تعالى - : (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم: 32] [المؤمنون: 53].
ولا شك أن هذه الأحزاب تنافي ما أمر الله به بل ما حث الله عليه في قوله: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [المؤمنون: 52].
ولا سيما حينما ننظر إلى آثار هذا التفرق والتحزب حيث كان كل حزب وكل فريق يرمي الآخر بالتشنيع والسب والتفسيق وربما بما هو أعظم من ذلك لذلك فإنني أرى أن هذا التحزب خطأ.
وقول بعضهم إنه لا يمكن للدعوة أن تقوى وتنتشر إلا إذا كانت تحت حزب!
نقول: إن هذا الكلام غير صحيح بل إن الدعوة تقوى وتنتشر كلما كان الإنسان أشد تمسكًا بكتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وأكثر اتباعًا لآثار النبي - - وخلفائه الراشدين.
(الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات للشيخ ابن عثيمين ص 155).
إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة، ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بالأمام وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "عَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنََّة الخُلَفَاء الرَاشِدين"
ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين، والواجب أن تكون الأمة الإسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح لا التحزب إلى من يسمى (السلفيون) فهناك طريق السلف وهناك حزب يسمى (السلفيون) والمطلوب اتباع السلف، إلا أن الإخوة السلفيين هم أقرب الفرق إلى الصواب ولكن مشكلتهم كغيرهم... إلخ.
شرح الأربعين النووية 8/29.
العلامة الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله –
سُئل فضيلته: هل يجوز للعلماء أن يبينوا للشباب وللعامة خطر التفرق والتحزب والجماعات؟
فأجاب – حفظه الله –: نعم يجب بيان خطر التحزب وخطر الانقسام والتفرق ليكون الناس على بصيرة لأنه حتى العوام الآن انخدعوا ببعض الجماعات يظنون أنها على الحق فلا أن نبين للناس المتعلمين والعوام خطر الأحزاب والفِرَق،.... والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين.
(إتحاف البرية بفتاوى وأقوال العلماء في صور المشاركة السياسية ص 43)
وسُئل - حفظه الله –: هذا شخص من مصر يقول: لا يخفى عليكم الأحداث القائمة في مصر من مسارعة بعض الشيوخ المعروفين لدى كثير من الناس من إنشاء حزب سموه: "حزب النور السلفي" من اجل مقاومة التيارات الليبرالية والعلمانية فهل يجوز للمسلم أن ينضم إلى هذه الأحزاب أو يعطيها صوته في الانتخابات ، أتمنى أن تبسطوا الجواب لحاجتنا لذلك بارك الله في أعمالك؟
فأجاب – حفظه الله – : الواجب على المسلم في وقت الفتن أن يتجنبها وأن يبتعد عنها إلى أن تهدأ، ولا يدخل فيها ، هذا الواجب على المسلم ،والأحزاب هذه والتكتلات قد تجر إلى شر وإلى فتنة وإلى اقتتال فيما بينها ، فالمسلم يتجنب الفتن مهما استطاع ، يسأل الله العافية ويدعو للمسلمين بأن يفرج الله عنهم ويزيل عنهم هذه الفتنة وهذه الشدة ، نعم . ( مفرغ من شريط صوتي لقاء مفتوح 21 ذي القعدة 1432هـ)
الخلاصة
من خلال ما سبق نصل إلى أنه لا يوجد في شريعة الإسلام دليل على جواز مثل هذه الأحزاب لا من كتاب ولا من سنة ، ولا من إجماع، ولا من معقول صحيح.
فالواجب الاكتفاء بأخوة الإسلام وتوطيدها وتحقيقها على الوجه المطلوب شرعًا، والاستغناء بها عما سواها من الفرق والجماعات والأحزاب التي تدخل في عموم نهيه - -: (لا حلف في الإسلام) و (لا تحدثوا حلفًا في الإسلام) دخولاً واضحًا سالمًا من كل معارض.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

=========
وكتبه فضيلة الشيخ :
أبو طارق/ محمود بن محفوظ: وفقة الله تعالي لكل خير
2من المحرم 1433 هجرية27/ 11/ 2011 ميلادية



رابط تحميل الملف بصيغة الوورد 

(
http://cutt.us/GBwMd )
===============
===============


________________________________

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق