تراجع عن لفظة جنس العمل , و وافق-قوله قول المرجئة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،
محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
وبعد:
فقد قلت في رسالتي (سلفيون أم مقلدة) -منذ سنين-:
 "ومسألة الإيمان ومنزلة العمل منه من أعظم شعائر السلف التي خالفهم فيها المرجئة ولا زالت صفحات التاريخ ملأى ، وبطون الكتب حبلى بمساجلات ومناظرات السلف لمن أخرج العمل من مسمى الإيمان لفظًا أو معنى ، وصاحوا بهم في كل ناد ، وشردوا بهم في كل واد ، وكان منهم علماء ، فما كان ذلك حائلًا قط دون الانتصار للحق ، ولو على حساب عظيم من الناس تنقطع دون اللحاق به الأنفاس ، ...................
فهل مجرد تخطئة الشيخ-أي الألباني- رحمه الله- في هذه المسألة طعن وإسقاط، 
وجرأة وإفراط ؟ ..........
فصاروا اليوم قد اعتقدوا أن هذين الجبلين الإمامين – لا يخطئان في هذه المسألة الظاهرة – ..........
ولسان حالهم يقول– بل ولسان قالهم أحيانًا – الشيخ الذي جاهد أهل البدع قرابة قرن من الزمان كيف يقع في هذه الزلة ويوافق قوله قول المرجئة  " اهـ.
هذا ما كتبته منذ سنوات عدة وأنا اليوم أقول مستعيناً بالله:

  هذه اللفظة التي صدرت مني-أي (وافق قوله قول المرجئة)- علم الله أني لم أقصد الجرح والتبديع ولا الطعن والقدح وذلك للآتي:
 1- أولاً أنني لست بشيء أصلاً فكلامي لا يؤثر في هذين الإمامين الجليلين جرحاً ولا تعديلاً، فلا مدحي ينفعهما ولا قدحي يضرهما فوجوده كالعدم.
2- ثانياً أنني صرحت بمقصدي وهو أنه لا يعدو مجرد التخطئة-وقد أكون مخطئاً فيها أيضاً- فقلت:
 (...فهل مجرد تخطئة الشيخ رحمه الله في هذه المسألة طعن وإسقاط، وجرأة وإفراط؟)
وقلت: (....اعتقدوا أن هذين الجبلين الإمامين – لا يخطئان في هذه المسألة)
فالكلام كله يدور حول الخطأ والصواب لا التجريح والتبديع والطعن واللمز.
3- أنني ظننت أني قطعت الطريق على من يريد التلبيس فقلت في الهامش مزيلاً للالتباس :
 ( لا يخفى على أدنى طالب علم التفريق بين الحكم على ( الكلام ) والحكم على (المتكلم ) فليس كل من وافق كلامه كلام المرجئة في مسألة معينة أن يكون مرجئًا فالحكم العام لا يستلزم الحكم على المعين لكن الهوى جمح ببعض إخواننا حتى أعماهم عن هذه القاعدة فأخذوا الحكم على الكلام فأنزلوه على المعين ، وخرجوا بهذه النتيجةالخاطئة أنكم تتهمون الألباني بالإرجاء ! فالله حسيبهم .)
4- رغم كل هذا الحذر والاحتياط إلا أن هذا الكلام أورث مفسدة لطائفتين: 
-طائفة من إخواننا لم تقبل هذا الكلام ولم تلتفت إلى تلك المعاذير ورأت أن الكلام موهم فيجب اجتنابه وقطع الطريق على الطائفة الأخرى ورأته من قبيل اللمز واستبطان الحدادية.
-والطائفة الثانية هم الحدادية الذين رأوه نصاً! في التبديع وهؤلاء لا يفرقون بين القول والقائل لا في التبديع ولا في التكفير ونعوذ بالله من مذهبهم الباطل.
5- ولما دخل هذا الكلام من الإجمال والإيهام ما دخل كان الواجب التبرؤ منه؛
 لئلا يطعن عليَّ بما أنا منه براء ولم أعتقده يوماً من الأيام.
ولئلا أكون سبباً في الإساءة إلى هذين المجاهدين العظيمين-أي الشيخ الألباني رحمه الله والعلامة المجاهد الربيع حفظه الله- ولو من طرف خفي ولو من غير قصد.
فأنا راجع عن هذا الكلام وهو قولي (وافق قوله قول المرجئة) متبرئ ٌمنه مستغفرٌ لربي تائبٌ إليه، لا أبتغي بذلك تزكيةً من أحد، ولا رضاً من أحد، ولا فعلته خوفاً من أحد. 
6- وليس من العقل في شيء أن يبقى المرء متترساً بلفظةٍ -ولو كان له فيها قصد حسن- إذا فهمت عنه بالباطل وحملت عنه على أسوأ المحامل-ولو على سبيل التحامل- فالتبرؤ منها مع أنه واجب فهو أيضاً أيسر من معاناة التوضيح والشرح والتفسير فضلاً عما خلفته من: تقاطع وتهاجر، وشقاق وتنافر، وليستعمل الألفاظ الواضحات التي لا خلاف عليها 
لا سيما مع أهل العلم الأكابر، لا سيما إذا وافقت وشابهت كلام أهل البدع ،لا سيما في زمانٍ طلع فيه قرن الحدادية، لا سيما وقد ابتلينا بطلبة علم يحرشون بين أهل المنهج الواحد ويفسدون ما بينهم من الود ولو بغير قصد ولو بقصد الحمية للسنة والمنهج الحق.
7-ومثلها كلمة(جنس العمل) فقد حدث حولها من اللغط والشطط ما لا يعلمه إلا الله ووقع التقاطع والتدابر والتهاجر بين أقوام من (أهل السنة والجماعة) السلفيين والخلاف بينهم لفظي فأنا أرجع عنها أيضاً وأكتفي بالواضحات وأقول؛ عقيدتي:
 أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل لا يجزئ واحد منها بغير الآخر، وأن تارك أعمال الجوارح بالكلية مع القدرة كافر لم يأت بالإيمان الصحيح، وهذا القدر يكفي.
ولا داعي لمعارك دامية على مجرد لفظة قد وقع فيها الإشكال- ولو في الأزمنة المتأخرة-وإن كان قائلها له قصد صحيح إذ لا مشاحة في الاصطلاح، والعبرة بالمقاصد والمعاني- فلا حرج في مراعاة تلك المفاسد وأخذها بعين الاعتبار فإن الله لم يتعبدنا بلفظة جنس العمل حتى نستميت في الدفاع عنها إلى الرمق الأخير ولو ترتب عليها من المفاسد ماترتب طالما أن عبارات السلف فيها الكفاية فالواجب ترك ما أُحدِث بعدهم ووقع فيه إجمالٌ أو إيهامٌ أو لبسٌ أو ترتبت عليه مفسدةٌ أو فتنةٌ فرقت الصف السلفي ومزقته كل ممزق وحيرت الطلاب أيما حيرة وشغلتهم بمعارك كلامية لا طائل تحتها.  
والله أسأل أن يغفر لي ولإخواني، والحمد لله رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
================
وكتبه أبو طارق محمود بن محفوظ 
الأربعاء 26من ذي الحجة 1437هـ الموافق 28من شهر سبتمبر 2016م

============================================

رابط تحميل الملف ( http://cutt.us/EGqEH

=====================================
.
.

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق